(فصل): في بيان الأسباب التي يضمن بها الوصي وذكر أجرة الوصي
  نعم، وهو يصير أجيراً مشتركاً حيث لا يكون متبرعاً بالوصاية، بل شرط لنفسه أجرة أو كان يعتاد أخذ الأجرة على الوصايا أو على غيرها، فمهما كان الوصي باستحقاقه للأجرة أجيراً مشتركاً يضمن ضمان الأجير المشترك مع قبضه للتركة كالأجير.
  (و) اعلم أن الوصي (إنما يستحقها) يعني الأجرة بأمور ثلاثة:
  الأول: (إن شرطها) على الموصي، فإذا شرطها على الموصي وجبت بذلك الشرط له قدر أجرة المثل والزائد من الثلث. وتطيب له ولو تعين عليه الدخول في الوصاية؛ لأن أصل الوجوب على الموصي. ومع طلب الأجرة فذلك قبول للوصاية، فيلزم الوصي الاستمرار فيها حتى يتم ما على الميت مما أوصى به سواء كان واجباً أو مندوباً - إذ قد صار بالوصاية واجباً - ولو قام غير الوصي مقامه أو كانت الأحوال شاقة من المخاصمة ونحوها، إلا بالإضرار فهو يجوز ترك الواجب، فتأمل.
  والثاني: قوله: (أو اعتادها) الوصي، يعني: اعتاد الأجرة، فإذا كان الوصي يعتاد أخذ الأجرة على أي عمل على الوصاية أو غيرها فإنه يستحق الأجرة عليها، وتثبت العادة بمرتين ولو لم يشرطها. وندب للغني أن يعف عنها؛ لقوله تعالى: {وَمَنْ كَانَ غَنِيّاً فَلْيَسْتَعْفِفْ}[النساء ٦]، وأما الفقير فيأكل بالمعروف، وهو أجرة المثل، وله أن يعف عن ذلك، وهو الأفضل، (أو عمل) الوصي عملاً (للورثة فقط) يعني: دون الموصي فإنه يستحق الأجرة على ذلك، وهو أيضاً ليس مما نحن فيه، بل من باب الإجارة لا من باب الوصية، فإذا عمل الوصي عملاً للورثة في أموالهم التي اقتسموها أو في غيرها استحق الأجرة على ذلك إذا نوى الرجوع عليهم، والقول قوله في نية الرجوع حيث يكونون صغاراً، لا كباراً فلا بد أن يأمروه بذلك وهو لا يعمل مثل ذلك إلا بأجرة، وأما إذا كانوا صغاراً فإذا نواها رجع عليهم لأن له ولاية كما لو استأجر غيره، وأما كونه معتاداً أخذ الأجرة أو عدمه فإنما ذلك بالنسبة إلى كون القول قوله أم لا، فتأمل.