(فصل): في حكم الإمامة وشرائط القائم بها
  وندب أن يكون الإمام متصفاً بالزهد في إيثار اللذات المباحة، وقلة رغبته في الدنيا وزخرفها، ورغبته في الآخرة، وكونه حسن(١) الخلق، سلس القياد، لين العريكة، لا تأخذه في الله لومة لائم فيما يأتي ويذر.
  الخامس: أن يكون (مدبر) وحقيقة التدبير هو معرفة الطرق التي يوصل بها إلى الأغراض على وجه لا يشك(٢) من يعرف [وجه] سلوكها تفصيلاً كونها أقرب ما يتوصل به ذلك الطالب إلى ذلك المطلوب بحسب حاله، وسواء وصل به إلى المطلوب أم لا. والمعتبر من ذلك أن يكون (أكثر رأيه الإصابة) لما دبره.
  قال الإمام |: ولا شك أن من كملت له علوم العقل بحيث يمكنه النظر المؤدي إلى العلوم الاكتسابية والظنون الأمارية لا يخلو من التدبير المعتبر ولا نجد أحداً يكون أكثر رأيه الخطأ في أنظاره إلا وهو ناقص العقل غير كامله من غير تردد في ذلك. ولا يعتبر كونه من الدهاة المفرطين في الحذق والدهاء وإعمال الحيل.
  الشرط السادس: أن يكون (مقدام) على القتال لا يحجزه عنه جبن ولا فشل، يعني: متى احتاج إلى ذلك، وإلا فلا يشترط أن يكون مباشر(٣) القتال بنفسه، بل المعتبر أن تكون له شجاعة في قلبه وثبات في أمره فلا يغلبه الفشل حال الحرب، بل يمكنه تدبير الحرب في تلك الحال. وإذا كان مباشر الحرب بنفسه فيعتبر أن يكون مقداماً وذلك (حيث يجوز السلامة) وعدمها ولا يجبن في تلك الحال مع التجويز للأمرين، وإلا كان ناقصاً، وأما الإقدام عند عدم تجوز السلامة فهو لا يعتبر، بل لا يجوز له.
  فائدة على ذكر التجويز: حقيقة التجويز في قضايا العقول: ما لا يحيل العقل ثبوت الشيء ولا نفيه. وحقيقة الفشل: هو تجويز ما يقضي العقل بعدم وقوعه في غالب الأحوال. والحزم: الاحتراز مما يقضي العقل بوقوعه لولا الاحتراز.
(١) في المخطوطات: في حسن. وحذفنا «في» كما في البحر وهامش شرح الأزهار (٩/ ٤٨٥).
(٢) لفظ البحر وهامش شرح الأزهار (٩/ ٤٨٦): على وجه لا ينكر من عرف.
(٣) في هامش شرح الأزهار (٩/ ٤٨٦): يباشر.