(فصل): فيما يجب على المكلف بعد دعوة الإمام
(فصل): فيما يجب على المكلف بعد دعوة الإمام
  (و) اعلم أنه يجب (على من تواترت له دعوته) أو غلب في ظنه أنه قد دعا بكتاب أو رسول إليه أو خبر دون التواتر وإن لم يحصل علم بطريق التواتر؛ إذ كثير من الواجبات وجبت بغلبة الظن، فحيث تغلب في ظنه دعوته (دون كماله) في الشروط يجب عليه (أن ينهض) فوراً؛ إذ الواجبات على الفور، وإلا أثم إن تراخى، إلا أن يكون له عذر لم يأثم بعدم النهوض. ومن العذر أن يخشى على نفسه أو من يعول تلفاً أو ضرراً؛ لأن الواجبات يجوز تركها لخشية الضرر.
  نعم، (فيبحثه عما يعرفه)(١) هو من الشروط إن انتهض(٢) لذلك، فما كان يمكنه أن يعرفه بنفسه من شروط الإمامة بحث عنه بنفسه، وذلك كالشجاعة والسخاء والعدالة في الظاهر - وهو كافٍ - والتدبير، فإن من بحث عن هذه الأمور أمكنه معرفة حصولها وعدمه إما بالخبرة أو بالنقل، ولا يحتاج في هذه الأمور إلى مراجعة(٣)، بل يتأمل أحوال ذلك الداعي فهي تظهر له هذه الأمور، لكنه لا يكتفي بأول نظر، فإنه قد يكون لأمر لا يعرفه وهو يظن خطأ الإمام في ذلك، كالمنع من الإعطاء في بعض الأحوال فقد يتوهمه الناظر بخلاً وللإمام في ذلك عذر شرعي بحسب ما يراه من تقديم أهم من ذلك أو عدم الاستحقاق في ذلك الوجه، يعلم ذلك الإمام دون غيره، وكذا في التدبير والإقدام والعدالة قد يتأخر عنه لأمر هو أولى مما يراه المتأمل أو نحو ذلك، وبالجملة لا يكتفي بأول نظر، بل يبحث عن ذلك حتى يقف في تلك الأمور على حقائها فالعمل بأول خاطر خطر في كثير من الأمور.
  فَرْعٌ: وأما النساء فالأقرب أنه لا يلزمهن البحث عن ذلك؛ إذ فرض الجهاد
(١) في المخطوطات: فيبحث. والمثبت لفظ الأزهار.
(٢) في المخطوطات: انهض.
(٣) لأن طريقها الأفعال لا الأقوال. (من شرح الأزهار ٩/ ٤٩٠).