تيسير الغفار المعروف بـ (مجموع أهل ذمار)،

عبدالله بن علي العنسي (المتوفى: 1301 هـ)

(فصل): في [بيان] ماهية الباغي وحكمه

صفحة 606 - الجزء 6

  لعدم تحصينه لهما بالإسلام كما مر. وأما الثاني لو نجز عتقهما بعد إسلامه فلا حكم، إذ قد عاد الحق فيهما للأول، ولو نجز من قبل إسلامه وقع ولا إشكال؛ إذ الحق له.

  (و) أما (المكاتب) لو كاتبه سيده المسلم ثم ثبتت يد الكافر عليه فإنه إذا أسلم لم يلزمه رده للأول المسلم كما يلزم في أم الولد والممثول به والمدبر، بل يعتق المكاتب (بالوفاء للآخر) من المالكين، وهو الكافر الذي أسلم؛ لأنه قد ملكه، وإذا عجز نفسه ملكه الآخر، وهو الذي أسلم. وليس للآخر نقض عقد الكتابة الذي بين العبد والسيد الأول (و) أم الولد والمكاتب والمدبر والممثول به جميعاً يكون (ولاؤهم للأول) من السيدين، وهو المسلم أصالة؛ لأن عتقهم وقع بسبب من جهته، هذا حيث لم ينجز عتقهم الآخر، فإن نجز عتقهم كان الولاء له، وذلك حيث يكون التنجيز قبل الإسلام، لا بعده فليس له ذلك كما مر، وذلك في غير المكاتب، وأما المكاتب فسواء نجز عتقه قبل الإسلام أم بعده؛ ووجهه أن عقد الكتابة لم ينفسخ، والله أعلم.

(فصل): في [بيان] ماهية الباغي وحكمه

  ودليل هذا الفصل من الكتاب والسنة، أما الكتاب فقوله⁣(⁣١) تعالى: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا ...} إلى قوله: {فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي}⁣[الحجرات ٩] فأمر بقتال الباغي مع كونه لم يخرج بذلك عن قيد الإسلام، وتسميته مؤمناً باعتبار ما كان عليه، ومن السنة: قول النبي ÷: «إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار»، فقيل: يا رسول الله، هذا القاتل فما بال المقتول؟ فقال: «إنه كان حريصاً على قتل أخيه» فأنبأ ÷ أن القاتل في النار ما ذاك إلا لبغيه بالقتل، وقد أمر⁣(⁣٢) الله بقتال الفئة الباغية حتى ترجع عن بغيها، ومن الدليل في الفصل مقاتلة الوصي كرم الله وجهه لمن بغى عليه، كعائشة وطلحة والزبير


(١) في المخطوطات: قوله.

(٢) كذا في المخطوطات.