(فصل): في [بيان] ماهية الباغي وحكمه
  والخوارج ومعاوية لعنه الله تعالى، عن النبي ÷ أنه قال: «يا علي، ستقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين»، والناكثين: طلحة والزبير، والقاسطين - يعني الكافرين -: معاوية وأعوانه، والمارقين: هم الخوارج كلاب النار يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية.
  ولعل جهاد(١) البغاة أفضل من جهاد الكفار؛ لأنهم أتوا الإسلام من بحبوحته، ولأن شبهتهم أظهر ولها أثر؛ إذ قد يخفى بطلانها على بعض من الناس، فكانت كالمعصية في الحرم وبالرحم؛ لأنها من وجهين: كونهم ضلوا وأضلوا، بخلاف الكفر فقد علم بطلانه من أول الأمر؛ لأنه لم يكن أحد من المسلمين يتوهم صحة ما هم عليه. ولأن الكفار كادوا الإسلام من أطرافه، والبغاة من بحبوحته، يعني: وسطه.
  (و) أما حقيقة (الباغي) فلغة: هو المتعدي، وشرعا: هو (من) [جمع شروطاً ثلاثة: الأول: أن](٢) (يظهر أنه محق والإمام مبطل) وسواء كان عن اعتقاد كالخوارج أو لا عن اعتقاد بل عارف أنه مخط في نفس الأمر كمعاوية لعنه الله تعالى. ولا يبعد أن المعتقد لخطئه - يعني: نفسه - على الإمام يكون فاسق جارحة.
  (و) الشرط الثاني: أن يكون قد اتفق منه أحد أمور خمسة: إما أن يكون قد (حاربه) يعني: حارب الإمام (أو عزم) على حربه وإن لم يحارب (أو) لم يحاربه لكنه (منع منه) واجباً طلبه منه من زكاة أو نحوها (أو منعه) أن ينفذ أمراً (واجباً) على الإمام، كأن يمنعه من جهاد قوم قد وجب جهادهم أو إقامة على أحد أو نحو ذلك (أو قام بما أمره إليه) يعني: إلى الإمام كجمعة أو حد أو نحو ذلك، وهل يعتبر كراهة الإمام إقامته لذلك أم لا؟ فأحد هذه الخمسة الأمور كافٍ في حصول الشرط الثاني.
(١) في المخطوطات: ولعل أن جهاد.
(٢) ما بين المعقوفين من شرح الأزهار (٩/ ٥٥٥).