(فصل): في [بيان] ماهية الباغي وحكمه
  (و) الشرط الثالث: أن يكون (له منعة) يتحصن بها، كقبيلة أو حصن أو عشيرة يتبعونه في أمره أو نحو ذلك. فإن اتفقت هذه الثلاثة الشروط في شخص سمي باغياً، فإن لم تكمل لم يسم باغياً، ويصير حكمه ما مر من المعاداة بقلبه فمخطٍ، أو بلسانه ففاسق، أو بيده وهو هذا محارب.
  (وحكمهم) يعني: البغاة في جواز قتالهم (جميع ما مر) ذكره في قتال الكفار. ومن وجد من أنصار الإمام أباه مع البغاة أو أي أرحامه تجنب قتله إلا لأحد الأمرين: مدافعة أو لئلا يحقد على من قتله، ويرثه وإن قتله كما لو قتله بأمر الإمام قصاصاً أو نحوه، والعكس(١) لا يرث(٢).
  فَرْعٌ: وحكم من حضر معهم في القتال ولم يقاتل أنه يجوز قتله، عن النبي ÷: «من سود علينا فقد شرك في دمائنا» ولأن أمير المؤمنين علي # لم ينكر على من قتل محمد بن طلحة السجاد، ذكره في البحر.
  ولعله يجوز قصد البغاة إلى ديارهم إذا لم يكفوا عن البغي إلا به أو خشي منهم ولو في المستقبل أو مطلقاً(٣)، فتأمل.
  (إلا) أن قتال البغاة يخالف قتال الكفار في ثلاثة أحكام:
  الأول: (أنهم لا يسبون) لا ذكورهم ولا إناثهم ولا صبيانهم، ويجوز حبس النساء والذراري إيغاراً لصدورهم.
  (و) الثاني: أنه (لا يقتل جريحهم) فمن وجد منهم مجروحاً وقدر على قتله فلا يقتل. وحد الجرح: الذي لا يمكن معه الجهاد وإن لم يكن مثخناً. فإن قتل مع ذلك أثم القاتل ولا ضمان عليه. وقد روي هذان الأمران - وهما عدم السبي وعدم قتل الجريح - عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله وجهه (ولا) يقتل أيضاً (مدبرهم) فمن كان مدبراً من البغاة منهزماً وقدر عليه لم يحز قتله، فإن
(١) أي: إذا قتل الباغي أباه المسلم أو نحوه.
(٢) إذا قتله عمداً. (é) (من هامش شرح الأزهار ٩/ ٥٥٦) وهامش البيان (٦/ ٥٥٤).
(٣) كذا في المخطوطات.