(فصل): في بيان ما يصير به الكافر مؤمنا وبيان عدم جواز معاملته في بعض الحالات
(فصل): في بيان ما يصير به الكافر مُؤَمَّناً وبيان عدم جواز معاملته في بعض الحالات
  (و) اعلم أن (من) دخل ليسمع كلام الله أو الوعظ أو (أرسل) إلينا من جهة الكفار فهو آمن بذلك ولو لم يكن مؤمَّناً ليدخل لأحد هذه الأمور من أحد المسلمين. ولا بد من قرينة تصدق أن الداخل إلينا رسول منهم: إما كتاب أو شهادة - ولو واحداً من المسلمين، ولو لم يأت بلفظها - أو قرينة حال كسكون الحرب عند قدومه أو نحو ذلك (أو أمنه) أحد من المسلمين، وذلك التأمين (قبل نهي الإمام) لأصحابه عنه، لا بعده فسيأتي إن شاء الله تعالى.
  ولا بد أن يصدر التأمين ممن جمع شروطاً سبعة:
  الأول: أن يكون (مكلف) فلا يصح أمان الصبي والمجنون. وإذا كان مكلفاً لم يكن لأحد من المسلمين خرم أمانه سواء كان ذكراً أم أنثى، حراً أم عبداً، أذن له سيده أم لا، عن النبي ÷: «أيما رجل من أقصاكم - يعني: أعلاكم - أو أدناكم من أحراركم أو عبيدكم أعطى رجلاً أماناً فله الأمان»، وروي أن أم هانئ بنت أبي طالب أمنت يوم فتح مكة رجلين زوجها وأخاها ثم دخلا دارها، فجاء أخوها علي بن أبي طالب ليقتلهما، فجاءت إلى رسول الله ÷ فذكرت له حالهما، فقال ÷: «مرحباً يا أم هاني، قد أجرنا من أجرت، وأمَّنا من أمَّنت»، وروي عن زينب بنت رسول الله ÷ أنها أمنت زوجها [أبا] العاص بن الربيع؛ لأنه دخل عليها وهو مشرك بعد خروجها من مكة، فقال ÷ لابنته: «ألا لا يخلص إليك يا بنية؛ فإنك لا تحلين له» فلما صلى النبي ÷ الفجر قالت من الصف: ألا إني قد أجرت العاص بن الربيع، فأجاره النبي ÷، وكان ذلك السبب في قوله ÷: «المسلمون تتكافأ دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم».
  وأما الرسل فالحجة ما رواه ابن مسعود أن مسيلمة الكذاب لعنه الله كتب إلى رسول الله ÷: من مسيلمة رسول الله إلى محمد رسول الله، أما بعد: فإن الله