تيسير الغفار المعروف بـ (مجموع أهل ذمار)،

عبدالله بن علي العنسي (المتوفى: 1301 هـ)

(فصل): في بيان ما يصير به الكافر مؤمنا وبيان عدم جواز معاملته في بعض الحالات

صفحة 617 - الجزء 6

  فالحرب خدعة، وذلك كقصة كعب بن الأشرف، وذلك أنه لما بالغ في عداوة النبي ÷ قال: «من لي بابن الأشرف؟» فقال محمد بن مسلمة: أنا أقتله، فقال: «افعل إن قدرت» فقال: يا رسول الله، إنه لا بد أن نقول فيك ما هو كالكذب، فقال: «قولوا فأنتم في حل من ذلك»، فاجتمع لقتله جماعة فيهم أبو نائلة، وكان رضيعاً لكعب، فقال [له]: ويحك يا ابن الأشرف، إني قد جئتك لحاجة أريد ذكرها لك فاكتم عني، فقال: أفعل، فقال أبو نائلة: كان قدوم هذا الرجل - يعني: رسول الله ÷ - [علينا] بلاء من البلاء، عادتنا العرب ورمتنا من قوس واحدة، وقطعت عنا السبل حتى ضاع العيال، وجهدت الأنفس، وأصبحنا قد جهدنا وأجهدنا عيالنا، فقال كعب بن الأشرف: أما والله لقد كنت أخبرك يا ابن مسلمة أن الأمر يصير إلى ما تقول⁣(⁣١) ... إلى آخر القصة، وهو مبسوط في البحر وغيره، حتى إنه سار معهم إلى شعب العجوز، ثم إن أبا نائلة شام يده في فود رأس كعب؛ إذ كان عروساً، وكرر ذلك حتى قال أبو نائلة: اضربوا عدو الله، فقتلوه.

  واعلم أنه إذا وقع الأمان من غير أهله ثم أجاز من هو أهله صح (فإن اختل قيد) من القيود المعتبرة في صحة التأمين (رد) المؤمن (مأمنه) ولا يمكن من الأمر الذي أراد التأمين له كالتجارة ونحوها، ولا يجوز قتله قبل بلوغه المأمن، فإن قتله قاتل أثم بذلك، ولعله لا شيء عليه (غالباً) يحترز من الأمان بعد نهي الإمام فإنه إذا علمه المؤمن والمؤمن لم يصح ولا يرد مأمنه، بل يجوز قتله، فإن جهلا نهي الإمام أو أحدهما فلا يفيد النهي، ويرد مأمنه (ويحرم) عقد الأمان للكافر (للغدر) به إجماعاً، فإن غدر كانت الدية من مال الغادر، ولا شيء في بيت المال، والله أعلم.


(١) في المخطوطات وهامش شرح الأزهار طبعة غمضان: أقول. والمثبت من هامش شرح الأزهار طبعة مكتبة أهل البيت (٩/ ٥٦٦).