تيسير الغفار المعروف بـ (مجموع أهل ذمار)،

عبدالله بن علي العنسي (المتوفى: 1301 هـ)

(فصل): في حكم الصلح وما يتعلق به

صفحة 619 - الجزء 6

(فصل): في حكم الصلح وما يتعلق به

  (و) اعلم أنه يجوز (للإمام) أو نائبه بإذنه أو مفوضاً وذلك⁣(⁣١) (عقد الصلح) بين المسلمين والكفار أو البغاة وذلك (لمصلحة) فقط، كضعف المسلمين أو انتظار حال يضعف فيها الكفار أو البغاة، أو لتسكين قوم ليفرغ لقتال آخرين جهادهم أهم وأقدم⁣(⁣٢)، كما فعل أمير المؤمنين كرم الله وجهه لما صالح معاوية لعنه الله ليفرغ لجهاد الخوارج. قال تعالى: {وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا}⁣[الأنفال ٦١] وقوله تعالى: {فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ}⁣[التوبة ٤] ووجوب تمام مدته فرع على جوازه ابتداء. ولا بد أن يقع (مدة معلومة) ولا يجوز أن يكون مؤبداً⁣(⁣٣)؛ لأن في التأبيد إبطال ما هو المقصود منهم، وهو القتل أو الإسلام أو الجزية، وتقدير المدة إلى رأي الإمام، كمدة صلح الحديبية عشر سنين أو أقل أو أكثر ما لم يؤد إلى إسقاط الجهاد بالكلية. وبعد عقد الصلح (فيفي) الإمام والمسلمون (بما وضع) لأعدائه في مدة الهدنة. ولا يبطل الصلح بموت الإمام أو عزله، ولا بموت رئيس الكفار ولا البغاة. قال تعالى: {أَوْفُوا بِالْعُقُودِ}⁣[المائدة ١] وقال: {وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولاً ٣٤}⁣[الإسراء] وقال ÷: «ثلاث ليس لأحد فيهن رخصة: بر الوالدين مسلمين كانا أو كافرين، والوفاء بالعهد لمسلم كان أو كافر، وأداء الأمانة لمسلم كان أم كافر».

  فَرْعٌ: ولا يجوز نقض الصلح ولو لمصلحة إلا لخيانة يخشاها أو نحوها جاز بعد الإنفاذ⁣(⁣٤) إليهم، ولفظ البيان: ما لم يبدؤوه بالخيانة، نحو مكاتبة أهل الحرب وإيواء الجاسوس، أو أخذ مال مسلم⁣(⁣٥)، فهو خيانة ونقض للعهد منهم، والله أعلم.


(١) كذا في المخطوطات.

(٢) في المخطوطات: أو أقدم. والمثبت لفظ شرح الأزهار (٩/ ٥٦٨).

(٣) في المخطوطات: مؤبدة. والمثبت لفظ شرح الأزهار (٩/ ٥٦٨).

(٤) في هامش شرح الأزهار (٩/ ٥٦٨): الإنباء.

(٥) لا يكون نقضاً إلا أن يكون على جهة القهر والغلبة كما في شرح الأزهار في شرح قوله: وينتقض عهدهم بالنكث ... إلخ. (é) (من هامش البيان ٦/ ٥٣٩).