(فصل): في حكم الصلح وما يتعلق به
  وهو يجب الوفاء بالصلح ولا يحل خرمه (ولو) كان وقوع الصلح بيننا وبينهم (على رد من جاءنا) من البغاة تائباً أو من الكفار (مسلماً) فإنه إذا وقع الصلح على ذلك وجب الوفاء به ويرد من أتانا منهم كذلك؛ وذلك لأن النبي ÷ صالح قريشاً عام الحديبية عشر سنين واشترط فيها هذا الشرط(١)، فأتى أبو بصير إلى رسول الله ÷ مسلماً فبعثت قريش في أمره إلى رسول الله، فقال له النبي ÷: «يا أبا بصير، إنا قد أعطينا هؤلاء القوم ما قد علمت، ولا يصلح منا في ديننا الغدر، فانطلق فإن الله سيجعل لك ولمن معك من المستضعفين فرجاً ومخرجاً فانطلق» قال: يا رسول الله، أتردني إلى المشركين ليفتنونني أو قال: يسبونني في ديني؟ قال: «يا أبا بصير، [انطلق] فإن الله سيجعل لك ولمن معك من المستضعفين فرجاً ومخرجا» فانطلق مع رجلين من المشركين، فلما كان في بعض الطريق قتل أحدهما وعمد إلى الساحل، واجتمع معه جماعة من المسلمين مقدار سبعين رجلاً قرشياً، وحارب قريشاً، وكان لا تمر عير لقريش إلا أخذها وخمسها وأرسل بالخمس إلى رسول الله ÷. هذا اللفظ في الشفاء، وفي البحر غيره، والله أعلم.
  وإنما يرد من جاء مسلماً بشروط ثلاثة:
  الأول: أن يكون ذا عشيرة، لا من كان لا عشيرة معه فلا يرد.
  الثاني: أن يكون (ذكراً) لا أنثى - ويلحق بها الخنثى - فإنه لا يجوز ردها، حين عقد الصلح بالحديبية على ذلك جاءت أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط مسلمة، فجاء أخواها يطلبانها، فأنزل الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ}[الممتحنة ١٠].
  الثالث: أن يرد إليهم (تخلية) بينهم وبينه، يعني: ذلك الذي جاء مسلماً إذا
(١) لفظ هامش شرح الأزهار (٩/ ٥٦٩): واشترطوا عليه هذا الشرط.