(باب صفة الصلاة) يعني ماهيتها
  فإن قلت: وكيف يصح للمنفرد أن يأتي بلفظ الجمع بقوله: «السلام عليكم» وليس إلا ملك عن اليمين وملك عن اليسار؟ قلت: التعبد ورد بذلك، وقد ورد في بعض الآثار أن الحفظة ملائكة كثيرون، وإذا صح ذلك فهم المرادون، ويؤيد ذلك ما في الآية الكريمة، وهي قوله تعالى: {وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ ١٠}[الانفطار] وكما في الحديث: «أنه وُكِّل بالمؤمن مائة وستون ملكًا يذبون عنه، كما يُذَبُّ الذباب عن قصعة العسل، ولو وُكل العبد إلى نفسه طرفة عين لاختطفته الشياطين». منقول من الكشاف من تفسير قوله تعالى: {إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ ٤}[الطارق].
  الشرط الرابع: أن يكون المصلي حال تسليمه (قاصداً للملكين) ملك اليمين وملك الشمال، فيقصد كل واحد حين يسلم إلى جهته، ولو قصدهما معًا حين التسليم على اليمين أو على اليسار لم تفسد الصلاة؛ لأنهما(١) كالركن الواحد، ولأن قصد الملكين بالتسليم مشروع فلا يضر لو قصدهما معاً ولو كان ذلك في غير محلها. ويجزئ قصد الملكين ويسقط الواجب من ذلك، وذلك عند التسليمة الأخيرة(٢)، وكذا عند التسليمة الأولى(٣). ولو نوى ملائكة غيره عند التسليم فسدت الصلاة ولو مع ملائكته؛ إذ هو كما لو قصد أحد الناس(٤) غير الداخلين في الصلاة.
  (و) يجب أن يقصد (من في ناحيتهما) يعني: من في ناحية الملكين، والمراد بالناحية جميعها يميناً وشمالاً، لا ما سامت المصلي من الجانبين فقط، فيجب قصد جميع الداخلين (من المسلمين في) صلاة (الجماعة) التي المسلِّم فيها، وهذا هو المراد بقوله: «من في ناحيتهما»، فيقصد المصلي ذلك ولو لم يكونوا عدولاً جميعاً، بل كان فيهم فاسق؛ لأن الدليل ورد بذلك مطلقاً؛ وأما الصبي فتفسد الصلاة إذا قصده؛ لأنه غير داخل في الصلاة، وكذا فاسد الصلاة؛ لعدم دخوله في الصلاة؛ لفسادها
(١) أي: التسليمين.
(٢) في (ج): «التسليم الأخير».
(٣) في (ج): «التسليم الأول».
(٤) في المخطوط: «من الناس».