تيسير الغفار المعروف بـ (مجموع أهل ذمار)،

عبدالله بن علي العنسي (المتوفى: 1301 هـ)

(باب صفة الصلاة) يعني ماهيتها

صفحة 443 - الجزء 1

  الوقت كما مر ولا يصلي مع التلقين من غيره، وكذا تبطل صلاة المعلِّم كالمتعلم؛ لأنه يكون أيضاً مخاطباً بقراءته لغيره، وهو المتعلم؛ فإذا لقّن غيره وهو في حال الصلاة بطلت، إلا تلقين الإمام متى تكاملت شروطه فإن الصلاة لا تبطل بذلك كما يأتي ذلك إن شاء الله تعالى.

  وفرق بين الاستملاء والتلقين، فلا يقال: كل منهما يحصل فيه انتظار؛ لأنا نقول: ليس العلةُ في البطلانِ وعدمِهِ الانتظارَ وعدَمَه، بل الاستملاء يحصل فيه الاشتغال بالنظر والقلب أيضاً، وذلك غير مفسد، كما لو شغل قلبه ونظره بغير القراءة؛ إذ هو ليس بفعل كثير، وليس فيه غير ذلك؛ فلذا لم تبطل الصلاة به؛ وأما التلقين من الغير ففيه مخاطبة للغير بالقرآن في حال الصلاة، وهي مبطلة؛ ولذا قلنا: تبطل صلاة المعلم والمتعلم؛ إذ كلٌّ منهما يخاطب الآخر، إما مبتدئاً كالمعلّم أو مجيباً كالمتعلم، فتأمل.

  (و) لا يصح في القراءة (التعكيس) ولو لعذر كمرض أو غيره، وله صورتان: تعكيس الحروف، وهذا غير مجزٍ، بل مفسد للصلاة ولا إشكال، وتعكيس الآي، وهو أن يأتي بآخر آية في الفاتحة ثم التي قبلها حتى يكملها بأن يختم بأولها، فهذا التعكيس أيضاً مفسد إن كان في القدر الواجب ولم يعده صحيحاً، أو في غير القدر الواجب وحصل به فساد المعنى فكذا أيضاً مفسد، وإن كان في غير القدر الواجب أو فيه ولم يجتزئ به، بل أعاده صحيحاً ولم يفسد به المعنى فلا تفسد الصلاة به؛ إذ هو من آي القرآن فلا تفسد بقرائته ذلك ولو لم يكن على نظمه المألوف؛ ولأجل عدم صحة القراءة الواجبة لو عكس قلنا فيما مر: لو كان لا يحسن المصلي إلا النصف الآخر من الفاتحة فإنه يسبح مكان النصف الأول، وذلك مرتين، ثم يأتي بالنصف الآخر من الفاتحة بعد ذلك، لأجل الترتيب، ولو قدم القراءة التي يحفظ من الفاتحة لم تجزئ، كما أنه لو كان يحفظ الفاتحة وقدّم النصف الآخر على الأول فإنها تفسد الصلاة بذلك إن كان في القدر الواجب واعتد به، أو كان يحصل به فساد المعنى. ومن ذلك التعكيس في التسبيح الواجب لو كان فرضَه عوض القراءة فإنها تفسد به الصلاة إذا لم يعده صحيحاً.