(باب صفة الصلاة) يعني ماهيتها
  وإنما جعل «العظيم» في الركوع، و «الأعلى» في السجود؛ لأن «العظيم» صفة أبلغ، فجعل في الركوع؛ ليعادل خفته في التعظيم عن السجود، أو يقال: إن السجود لما كان انخفاضاً إلى الأرض من العبد فناسبه ذكر علو الله سبحانه وتعالى.
  إن قيل: فهلّا قلتم بما اختاره غيركم «سبحان ربي العظيم» «سبحان ربي الأعلى» كما جاء لفظ ذلك في القرآن الكريم {فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ ٧٤}[الواقعة]، {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى ١}[الأعلى] لقوله ÷ عند نزول الآيتين: «اجعلوه(١) في ركوعكم، اجعلوه في سجودكم» كما قد روي ذلك - قلنا: لو كان المراد ذلك لكان يقال: «فسبح باسم ربك العظيم» و «سبح اسم ربك الأعلى» بلفظ الآية، ولا يقال: «سبحان ربي الأعلى، أو العظيم» كما قاله غيرنا. فالمراد أنه أمره بتسبيح ربه، وهو الله تعالى، وقوله: «اجعلوه في سجودكم، وغيره» يعني: اجعلوا التسبيح مع التعظيم لله في الركوع، وكذا في السجود، وهو إذا قال: «سبحان الله العظيم» فقد جعل في ركوعه التسبيح مع التعظيم في ركوعه لله تعالى، ولا ينافيه هذا اللفظ الذي اخترناه؛ فالمراد سبح باسم ربك العظيم، وهو الله تعالى، وهو اسمه الأخص. وقياسه لو قال إنسان لإنسان: «يا فلان، ناد باسم صاحبك»، لم يقتض ظاهر اللفظ بأن ينادي(٢): «يا صاحبي»، وإنما يناديه باسمه العلم. والمرجِّح لما اخترناه ما كان يفعله النبي ÷ في ركعتي الفرقان، فإنه كان يفعل ذلك، وما روي عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله وجهه، روى [أبو رافع](٣) أن أمير المؤمنين كان إذا ركع قال: (سبحان الله العظيم وبحمده)، وهو لا يفعل إلا الأفضل؛ ولأن ذلك يجري مجرى المسند إلى النبي ÷.
  فَرْعٌ: فلو سبح الهدوي بتسبيح المؤيدي سجد للسهو؛ إذ ليس بمشروع عنده، وكذا العكس.
(١) في الشرح: اجعلوها.
(٢) في (ج): «يناديه».
(٣) في الشرح: ابن أبي رافع.