تيسير الغفار المعروف بـ (مجموع أهل ذمار)،

عبدالله بن علي العنسي (المتوفى: 1301 هـ)

(باب صفة الصلاة) يعني ماهيتها

صفحة 473 - الجزء 1

  (ثم) إذا لم يكن له زوجة ولا أمة فارغة ولا كان ثمَّ إمام في الوقت أو كان ولا بيت مال - فإنه ينجيه (جنسه) فينجي الرجلَ رجلٌ والمرأةَ امرأةٌ، ولا يجب أن يكون عدلاً هنا؛ فإن لم يوجد الجنس لم يجز لغير الجنس أن ييمم بخرقة كما في حق الميت؛ إذ مع هذا العليل يجوّز الشهوة، بخلاف الميت؛ وأيضاً إنما وجب الترتيب بين المنكوح والجنس دون⁣(⁣١) الجنازة؛ لبقاء حكم الاستمتاع هنا أيضاً، وانقطاعه هناك.

  والجنس ينجي جنسه، وذلك ليس على إطلاقه، وإنما ينجيه (بخرقة) وقدرها في الغلظ والصفاقة التي تستر للصلاة، فيلف بها يده؛ لتحول بين يده وبَشَرَة العورة، كما قلنا في الميت. وأما المرأة الأجنبية - ولو أمة أو قاعدة - مع الرجل الأجنبي وكذلك الرجل معها - فليس لأحدهما أن يوضئ الآخر لا بحائل ولا بغيره؛ إذ كله عورة بالنظر إلى ذلك الأجنبي. و [أما] المحرم مع محرمه كالأخت والأم ونحوهما فكالجنس مع جنسه فيما يجوز له رؤيته، وأما ما لا يجوز له رؤيته فكالأجنبي مع غير جنسه. وأما الخنثى فلا ينجيه لا جنسه ولا غير جنسه؛ تغليباً لجنبة⁣(⁣٢) الحظر؛ لجواز أنه ذكر أو أنثى، بل يجب أن يشتري له أمة، وإلا فكعادم الكل.

  ومن لم يجد من ينجيه فإنه يتيمم ولا يجزئ الصب هنا، بخلاف ما يأتي⁣(⁣٣)، فلا يرفع حكماً هنا. لعل الفرق أن النجاسة لا تزول إلا بالدلك، بخلاف رفع الحدث فذلك الصب هو المتعبد به عند تعذر الغسل، فليتأمل.

  فائدة: ويجوز هنا أخذ الأجرة على وضوء الغير وعلى تنجيته من النجاسة، وذلك كما يجوز أخذها على الختان، والجامع بينهما كون كل منهما الوجوب على غير الفاعل، بخلاف غسل الميت فالوجوب على الفاعل. وقد يقال هنا: ضابط في جواز أخذ الأجرة على القيام بالواجب وعدم جوازها في بعض الصور: هو أن ما وجب تعبداً لم يحل أخذ الأجرة عليه، وما وجب ضرورةً جاز.


(١) أي: ولم يجب في غسل الميت.

(٢) في (ج): «لجانب».

(٣) أي: فإنه يجزئه الصب. (شرح).