(باب: و) صلاة (الجماعة)
  أخذ من هذا أن سماعه للفاتحة من أثنائها لا يعتد به، فيجب عليه أن يقرأ بعدُ لنفسه؛ لأنه لا يعتد بذلك؛ لوجوب الترتيب، ولا يتوهم أنه يجوز له أن يقرأ في هذه الحالة لعدم تحمل الواجب عنه؛ إذ هذه القراءة مشروعة للإمام، وهو ممنوع أن ينازعه فيما شرع له، ولأنه قد تحمل عنه مسنون هذه الركعة، فتأمل.
  فَرْعٌ: فلو سمع المؤتم جملة القراءة دون التفصيل، فإنه لا يجتزئ بذلك ويجب أن يقرأ لنفسه، لا لو غفل عن قراءة الإمام حتى لم يدر ما قرأ فإنه يعتد بذلك على حال لو قُدِّر انتباهه لقراءة الإمام لسمعه تفصيلاً(١)، فتأمل. وأما لو لم يسمع جهر الإمام لكثرة الأصوات فإنه يجتزئ بذلك لو قدّر أنه لو لم يكن عنده أصوات لسمع صوت الإمام، ففي هذه الحال يصير صوت الإمام مسموعاً من جملة الأصوات؛ فلذا لا يضر ويجتزئ بذلك، وكذلك إذا فاته سماع صوت الإمام لكثرة ريح فإنه يكون كما لو لم يسمع لكثرة الأصوات.
  فائدة: وأما توجه المؤتم حال قراءة الإمام فهو لا يعد به منازعاً؛ لأنه قبل التكبيرة، وكذا بالتكبيرة للافتتاح حال قراءة الإمام ولا إشكال. والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله، آمين.
  فَرْعٌ: فلو كانت القراءة جهرية للإمام وسرية للمؤتم كالظهر خلف من يصلي الجمعة تحمل الإمام القراءة عنه، وإن كانت سرية للإمام وجهرية للمؤتم، نحو أن تكون ثالثة أو رابعة للإمام، وهي للمؤتم أولى أو ثانية - فإن المؤتم يجهر في ذلك، وسواء كان الإمام لا يسمع قراءة المؤتم أو كان يسمعها؛ لأنه لا منازعة حال إسرار الإمام، ولو جهر الإمام في هذه الحالة لم يتحمل عن المؤتم، وقد مر معنى هذا الفرع، وهذا محله، فتأمل.
  مَسْألَة: إذا خافت الإمام المؤيدي وخلفه هدوي جهر الهدوي لنفسه؛ لعدم تحمل الإمام عنه وهو مسر، ولا تفسد صلاته بذلك؛ لعدم المنازعة، فإن جهر المؤيدي كان كما لو قرأ الهدوي في الركعة الثانية، فهو عنده سنة، فتفسد؛ لأنه منازع له فيما شرع له
(١) ولا يسجد ±للسهو. (شرح).