تيسير الغفار المعروف بـ (مجموع أهل ذمار)،

عبدالله بن علي العنسي (المتوفى: 1301 هـ)

(باب: و) صلاة (الجماعة)

صفحة 579 - الجزء 1

  المؤتم راكعًا - فلا يضر تأخره عنه في ذلك، مع أنه قد تأخر بركنين، وهما القيام، والركوع. ولقائل أن يقول: السبق هنا قبل الائتمام - فلعله يجاب بأنه لما اعتد بهذه الركعة ثبت له حكم المؤتم فيها وإن لم يُحرِم إلا بعد الركوع، والله أعلم.

  مَسْألَة: إذا نوى المؤتم الخروج عن إمامه لغير عذر فسدت صلاته بأول ركن يفعله بعد النية ولو كان التسليمة الأخيرة، ولعذر أيضاً كخشية فوت القافلة أو الراحلة أو الحدث أو نحو ذلك تفسد أيضاً، وسواء كان قبل التشهد الأخير أو فيه بأن سلَّم لأحد تلك الأعذار أو ناسياً، فلا فرق في هذه الأطراف جميعاً أنها تفسد صلاته بذلك، إلا ما استثني مما مر في التقدم فقط، فتأمل.

  مَسْألَة: يستحب لمن يصلي نافلة بعد الفرض الانتقال إلى موضع آخر، وسواء في ذلك الرواتب وغيرها، ولا فرق بين الإمام وغيره؛ لقوله ÷: «أيعجز أحدكم إذا صلى المكتوبة أن يتقدم أو يتأخر»، ويستحب للمتنفل بعد نفل الانتقالُ أيضاً، ويكفي في ذلك الانتقال عن موضع صلاته فقط، فيتقدم أو يتأخر، أو يتحول يمنة أو يسرة، فأي ذلك فعل فقد أصاب السنة، ولعله يكفي تحويل قدميه؛ لأنه إذا حولهما فقد تحول عن موضع صلاته بالأعضاء السبعة، وهو المراد. وأصل شرعية ذلك تكثير أمكنة الصلاة؛ ليكثر الشهود منها، فقد جاء في تفسير قوله تعالى: {فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ}⁣[الدخان: ٢٩] أن المؤمن إذا مات بكى عليه موضع عبادته من الأرض وموضع صعود عمله من السماء، والله أعلم.

  مَسْألَة: ويستحب لمن أتى صلاة الجماعة أن يمشي إليها بالسكينة والوقار، ولا يسعى لها وإن فاتته الجماعة، عنه ÷: «إذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها وأنتم تسعون، ولكن ائتوها وأنتم تمشون وعليكم السكينة والوقار، فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فاقضوا» والمراد فافعلوا⁣(⁣١). وهذا في الجمعة وغيرها. وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله، آمين.


(١) في هامش الشرح: فأدوا.