تيسير الغفار المعروف بـ (مجموع أهل ذمار)،

عبدالله بن علي العنسي (المتوفى: 1301 هـ)

(باب: وسجود السهو)

صفحة 581 - الجزء 1

  نقول: إن سجود السهو واردٌ في الشرع وجوبُه، والوجه في وجوبه الوجه في وجوب الواجب؛ فكان الإخلال بالمسنون شرطًا في صيرورته واجباً، كما أن السفر شرط في كون القصر واجباً، والإقامة شرط في وجوب التمام.

  وهذا في (غير الهيئات) المشروعة في الصلاة فلا يشرع لتركها سجود السهو، وذلك كالتجافي في الركوع والسجود، ووضع اليدين على الركبتين راكعاً، ووضعهما بين الخدين والمنكبين ساجداً، وافتراش القدم اليسرى ونصب اليمنى حال التشهد، وترك الإسرار بالتشهد وتسبيح الركوع والسجود، وترك الجهر بتكبيرهما وبالتسليم، ونحو ذلك، ففي ترك هذه ونحوها لا يشرع سجود.

  وهذا - أعني قوله: «غير الهيئات» - استثناء منقطع؛ لأن الهيئات ليست من جنس المسنونات.

  والفرق بين المسنونات والهيئات: أن المسنونات أمور مستقلة، وهي أقوال وأفعال. والهيئات أمور إضافية متعلقة بالأقوال والأفعال، فوجب السجود للمستقل، دون ما هو مضاف إلى غيره غير مستقل بنفسه. وقد يقال: ولأنه لا يعلم من أحد من العلماء يقول بوجوب شيء من الهيئات، ولا يوجب لتركها سجود السهو، فتأمل.

  وفي ترك المسنون يجب سجود السهو (ولو) تركه (عمداً) فالعمد عندنا في إيجاب سجود السهو كالسهو؛ لأنه إذا وجب تجبير الصلاة لنقصها بالسهو فبالأولى العمد⁣(⁣١)، ولأنه قد ورد أيضاً عنه ÷ من طريق عائشة: «سجود السهو لكل زيادة ونقصان» ويدخل في ذلك العمد إن نقصت الصلاة به أولى، فتأمل، وكذا من ترك مسنوناً في صلاته حيث يؤمر بتركه، كعند ضيق وقت الصلاة، أو عند سبق إمامه له - فإنه يجب عليه السجود ولو كان ذلك واجباً عليه، وكذا لو كان مستحباً، كتسوية الرداء ونحوه، والله أعلم. وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله.


(١) في (ج): «فبالعمد أولى».