(باب: وسجود السهو)
  الأولى: حيث سها عن القراءة في الأربع الركعات، ثم قام وأتى بركعة خامسة قرأ فيها القدر الواجب وهو يظن أنها رابعة، فإنه ينجبر المتروك من القراءة بما فعل في هذه الركعة الخامسة.
  والثانية: لو ترك سجدة من الركعة الأولى أو غيرها ثم أتى بركعة خامسة سهواً، ولذلك نظائر، فيقع الجبران بذلك وإن لم يقصده، والله أعلم.
  الثالث: أن يكون مع تأديته لذلك المتروك (ملغياً ما) قد (تخلل) من الأفعال بعد تركه قبل فعله وباقي ما جبر منه، فيصير ما بينهما وباقي ما جبر منه كأنه لم يكن. والوجه في ذلك: أن الترتيب في فروض الصلاة واجب، فلا يصح ركن حتى يصح ما قبله. وضابطه: كل ما جاء بعد المنسي فهو لغو حتى يفعل المنسي، وكل ركعة جُبر منها ألغي باقيها، فتأمل، والله أعلم.
  مثاله: أن يسهو عن سجدة من الركعة الأولى ولا يذكر إلا وقد صار في التشهد الأخير، فإنه يجبرها بسجدة من الركعة التي بعدها - وذلك حيث يكون قد اعتدل فيها؛ ليصح التجبير - ويلغى باقي الركعة فكأنها(١) لم تكن هذه التي جبر منها، ولا يحتاج هذا التجبير إلى نية، بل يجبر الأولى من الثانية ويلغي باقيها وإن لم ينو، وأما ما بعد هذه الركعة الثانية - وهي الركعة الثالثة والرابعة - فلا يلغى، ويصير كأنه في الركعة الثالثة ويقوم للركعة الرابعة، ففرضه هنا القيام لها، فلو فعل شيئاً غير القيام بطلت صلاته؛ لأنه إذا ذكر المتروك واشتغل بغير ما يجب عليه على تقدير الجبران فكأنه ترك ذلك المنسي عمداً.
  وعلى قولنا «يلغى باقي الركعة التي وقع التجبير منها» لو قرأ فيها ولم يقرأ في غيرها فكأنه لم يقرأ، فيجب عليه القراءة في هذه الركعة الرابعة؛ لأن التي قد قرأ فيها قد ألغي باقيها، ومن جملة ما ألغي القراءة، فافهم هذه النكتة، وهكذا الجهر والمخافتة لو لم يكن الواجب من ذلك فعله إلا فيما جبر منه السجدة فإنه يصير كأن لم
(١) في (ج): «كأنها».