(باب المياه)
  فَرْعٌ: وإذا التبس الماء الحلال بالمغصوب لم يجز التحري؛ لئلا يلزم المالك اجتهاده، فإن توضأ بالكل بعد الخلط لم يجزئ؛ لأنه عاصٍ به، وقبل الخلط يجزئ؛ إذ هو قد استعمل أحدهما لرفع الحدث من دون إثم بلا إشكال، وهكذا في الثياب كما يأتي إن شاء الله تعالى.
  الثالث(١): أن يكون ذلك الماء (لم يَشُبْهُ) يعني: يخلط(٢) به ماء آخر (مستعمل(٣) لقربة) و هي ما افتقر إلى نية، أيّ قربة كانت؛ فيكون الماء الذي تغسل به اليد عند النوم مستعملًا، فإذا كان الماء الذي يراد أن يرفع الحدث به قد خُلط به ماء آخر قد استعمل ذلك الآخر لقربة، كالوضوء والغسل ونحوهما - فإنه لا يجزئ أن يرفع ذلك الماء المخلوطُ به الحدثَ، وكذا لو خلط به ماء طهر عنده المحل.
  والمستعمل: هو ما لاصق البشرة وانفصل عنها ورفع حكماً. وإنما يحكم بكونه مستعملاً بعد انفصاله، فإذا استعمل الذي في جانب العضو في الجانب الآخر أجزأ، كما فعل الرسول ÷ حيث أخذ الماء الذي في شعره فدلك به لمعة في بدنه.
  نعم، وحكم الماء المستعمل والذي طهر عنده المحل أنهما طاهران غير مطهرين؛ ولذا إنهما إذا خلطا بقراح غير مستعمل لم يرفع الحدث.
  فَرْعٌ: وأما المستعمل للتبرد لا لوضوءٍ وغسلٍ، والذي غسل به الثوب أو البدن للنظافة - فغير مستعمل، فإن تغير به الماء كان كالذي تغير بطاهر.
  وإنما يمنع صحة رفع الماء المخلوط بالمستعمل للحدث إذا كان المستعمل (مثله) كيلاً لا وزناً (فصاعدًا(٤)) يعني: أو أكثر منه، لا دونه ولم يتغير به فإنه لا يغير حكمه من رفعه للحدث، ولا بد أن يعلم أنه مثله ولا يكفي الظن؛ ومهما قد علم أنه مثله أو أكثر لم يرفع الحدث؛ تغليباً في المماثل لجانب الحظر.
(١) من هنا تبدأ النسخة (ج)، فهي ناقصة ليس الموجود معنا منها إلا من هنا فقط.
(٢) في (ج): «لم يختلط».
(٣) وما توضأ به الصبي لا يكون مستعملًا. (é). (شرح).
(٤) وحد الزيادة: ما يمكن استعمالها في حكم شرعي. (é). (شرح).