(باب: وصلاة الجمعة)
  مَسْألَة: (ويحرم الكلام) من المستمعين للخطبتين (حالهما) يعني: حال فعلهما، وذلك على من لا يجوز له الانصراف، لا من يجوز له فلا يحرم، وسواء في ذلك التأمينُ وردُّ السلام وغيرُهما، وسواء كان يشغل عن سماع الخطبة أوْ لا؛ بأن كان يسيراً، ويدخل في ذلك تشميت العاطس، لا الإشارة إلى المتكلم بالسكوت ونحوه فليس بكلام وإن كانت مكروهة، ومن ذلك الإشارة باليد أو بالرأس على المسلّم بالرد عليه فليس بكلام. وكذا تحرم(١) الصلاة نافلة أو فرضًا، قضاء أو نحوه حال الخطبة؛ إذ هو أيضاً كلام. ولا فرق بين القرآن والتسبيح والتكبير وغيرهما، فكل ذلك محرم، عنه ÷ أنه قال لمن تكلم: «لا جمعة لك»، و «من مس الحصى فقد لغا»؛ وإذا خطب وقد شرع في الصلاة وجب عليه الخروج منها. وأما بينهما فلا يحرم الكلام، فافهم.
  فائدة: إذا أفتى الإمام حال الخطبة جاز؛ إذ الفتوى(٢) ليست حال الخطبة، بل مثل الفصل بينهما، ويجوز للسامعين الكلام حال فتواه في ذلك، وقد روي أن رجلاً دخل على رسول الله ÷ وهو يخطب على المنبر يوم الجمعة فقال: يا رسول الله، متى تكون الساعة؟ فأشار الناس إليه أن اسكت، فقال ÷ - قيل عند السؤال المرة الثانية، وقيل عند الثالثة -: «ويلك ما أعددت لها؟» فقال: ما أعددت لها شيئاً، ولكني أحب الله ورسوله، فقال ÷: «أنت مع من أحببت»، وليس في هذا دلالة على جواز الكلام حال الخطبة حيث لم ينههم ÷ عند ذلك؛ إذ المروي أنهم أشاروا إليه أن اسكت، والإشارة ليست بكلام، والسائل يحمل على أنه جاهل؛ ولذا أنكر عليه الصحابة ¤ بالإشارة، فتأمل.
  مَسْألَة: (فإن مات) الخطيب (أو أحدث) حال كونه (فيهما) يعني: في الخطبتين، والمراد قبل أن يأتي بالقدر الواجب منهما (استؤنفتا) من أول الواجب منهما، ولا يصح البناء على ما قد فعله الخطيب الأول ولو كان قد فعل بعض الواجب، فيستأنفهما بعد وضوئه، أو يستخلف غيره حيث لا يمكنه الوضوء أو فات حيث هو
(١) في المخطوطات: نحو.
(٢) لفظ حاشية في الشرح: ... لأن الفتوى لم تكن كالكلام حالهما، بل مثل ما بينهما، ويجوز ...