تيسير الغفار المعروف بـ (مجموع أهل ذمار)،

عبدالله بن علي العنسي (المتوفى: 1301 هـ)

(باب: وصلاة الجمعة)

صفحة 660 - الجزء 1

  (و) اعلم أنه (ليس) بجائز (لمن) قد (حضر الخطبة) أو سمع نداء الجمعة (تركها) يعني: ترك الجمعة بعد أحد هذين الأمرين، فلا يجوز السفر بعد ذلك ولا الانصراف ولو نوى الرجوع فوراً وإن كان قبل ذلك جائزاً، هذا هو المراد، ولا يتوهم أن من لم يحضر الخطبة يجوز له ترك الحضور، فقد مر بيان من تجب عليه الجمعة وإن لم يحضر الخطبة، فتأمل. ولا يناقض هذا ما مر من أنه لا يجب على المسافر الجمعة، فالمراد بذلك هو المسافر النازل⁣(⁣١)، فاعتبر في حقه أن يكون واقفاً قدر الاستراحة - وذلك مقدار الخطبتين والصلاة - وإلا لم تجب عليه، وهنا المراد من يبتدئ السفر، فاعتبر أن تقام الخطبة وهو حاضر أو يسمع النداء وجب عليه حضورها، واعتبر أيضاً أن يكون سماعه للنداء وهو في ميل موضع إقامتها، لا إن سمع وقد خرج منه فإنه لا يجب عليه الرجوع لها⁣(⁣٢)، والله أعلم.

  (إلا المعذورين) عن حضور الجمعة فإنه يجوز لهم الانصراف ولو بعد حضور الخطبة ولو انخرم العدد، ويتمونها ظهراً، وذلك كالعبد والمرأة ونحوهما، وكذا يجوز للمسافر الانصراف حيث كان غير نازل، إلا أن يدخل⁣(⁣٣) في الصلاة لم يجز الانصراف وإن كانوا معذورين؛ إذ قد زال العذر بالدخول فيها.

  (غالباً) احترازًا ممن يكون عذره عن الجمعة تعذر الوصول إليها فقط فإنه متى حضر الخطبة لم يجز له تركها وإن كان قبل الحضور معذوراً من الوصول إليها يجوز له الترك، وذلك كالمريض الذي لا يتضرر بالوقوف، وكذا الأعمى والمقعد ما لم يتضررا، ومَن عذره من الوصول إليها المطر أو نحوه - فإنه لا يجوز لهؤلاء الانصراف عن الجمعة بعد الحضور إليها وإن جاز لهم من قبل عدمُ الحضور؛ وذلك لأن عذرهم ليس إلا عدم إمكان الوصول، فمتى قد صاروا حاضرين فقد زال العذر،


(١) الصواب حذف (النازل)؛ لأن المسافر النازل تجب عليه، وهو في سياق ما مر من أنه لا يجب على المسافر الجمعة. ولفظ هامش شرح الأزهار: ما هنا فيمن ابتدأ السفر، وما تقدم في المسافر من قبل ذلك، فإنها لا تلزمه ما لم يقف قدر الاستراحة.

(٢) والمذهب أنه يجب الرجوع، وقد تقدم هذا في قوله: فَرْعٌ: ويجوز لأهل بلد إقامة الجمعة ... إلخ.

(٣) الصواب: يدخلوا كما في هامش شرح الأزهار وهامش البيان.