(باب): صلاة السفر
(باب): صلاة السفر
  اعلم أنه استدل على ذلك من كتاب الله العزيز بقوله تعالى: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا}[النساء ١٠١] ولعله لا يصح الاحتجاج بها في هذا الموضع؛ إذ ذلك مشروط بالخوف، مع أن قصر الصلاة في السفر مطلق سواء حصل خوف أم لا، فالمراد في الآية صلاة المسايفة، والمراد بذلك قصر الصفة لا قصر العدد؛ إذ يصلي لو كان في الحضر أربعاً. وما قيل من أنها أيضاً لا تصلح للاحتجاج بها هنا دلالتها على الرخصة هو من قبيل قوله تعالى: {فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ} فرفع الجناح دليل الرخصة - ليس بمفيد [في الدعوى](١)؛ إذ نزولها لما تحرّجوا عن قصرها كذلك، فرفع توهم الإثم برفع الجناح المتوهم، كما جاء في قوله تعالى: {فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا}[البقرة ١٥٨] مع أن الطواف واجب، فليتأمل.
  وأما السنة فكثير، منها: ما جاء عنه ÷: «إن الله قد وضع عن المسافر نصف الصلاة» وروي «شطر الصلاة» وفي آخر حديث: «فاقبلوا صدقته»، وفي الجامع الكافي أنه ÷ كان يصلي الصلوات ركعتين ركعتين إلا المغرب فكان يصليها ثلاثاً، فلما حولت القبلة - في رجب على رأس سبعة عشر شهرًا من مقدم النبي ÷ إلى المدينة - جعلت الصلاة أربعًا [أربعًا](٢) إلا المغرب والفجر، وقال ÷: «الصلاة التي كنا نصليها [ركعتين] للمسافر» فمنه أخذ أن أصلها اثنتان، فأقرت في السفر وزيدت في الحضر، وقوله ÷: «صدقة تصدق الله بها على عباده [فاقبلوا صدقته](٣)».
  وفعله أيضاً، فإنه ÷ أقام بمكة ثمانية عشر يوماً(٤) وكان يقصر صلاته
(١) ساقط من (ج).
(٢) ساقط من (ب) و (ج).
(٣) زيادة من عدة مصادر.
(٤) مترددًا. (شرح).