(فصل): في ذكر تكبيرالتشريق وحكمه ووقته وصفته
  أكبر»، فلما سمع إبراهيم # رفع رأسه إلى السماء، فلما علم أنه جاء بالفداء قال: «لا إله إلا الله، والله أكبر»، فسمع الذبيح # فقال: «الله أكبر ولله الحمد»، فصار ذلك سنة إلى يوم القيامة. وقال تعالى: {وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ}[البقرة ١٨٥] وقال تعالى: {وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ}[البقرة ٢٠٣]، وعنه ÷ أنه قال حين فرغ من الصلاة(١) في يوم عرفة: «إن أفضل ما قلته في هذا اليوم وقالته الأنبياء من قبلي: الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد».
  وشرعيته (عقيب كل فرض) من الصلوات الخمس، ويجزئ فعله ولو قد أحدث؛ لأن الطهارة لم تشرع إلا للصلاة.
  والسنة أن يجعل عقيب الفرض مرة، واثنتين بعدها ندباً. والعقيب: هو ما دام في أيام التشريق. ويشرع فعله عقيب غيرها في أيام التشريق، كصلاة العيد والجنازة والقضاء والمنذورة وركعتي الطواف وسجود السهو، وهذه داخلة في قوله: «كل فرض». ويستوي في شرعية ذلك المنفرد والبدوي والمسافر والحائض لو طرأ عليها بعد أن صلت، وكذا النفساء.
  وأما وقته: فهو (من) عقيب صلاة (فجر) يوم (عرفة إلى آخر أيام التشريق) وهو اليوم الخامس، من يوم عرفة، فشرعيته خمسة أيام: يوم عرفة، ويوم النحر، وثلاثة أيام بعده، فيشرع فعله عقيب صلاة فجر يوم عرفة، ويفعله أيضاً عقيب صلاة العصر في اليوم الخامس، ويقطعه عقيب صلاة المغرب. فلو قيد العصر بركعة في آخر أيام التشريق لم يسن فعله عقيبها؛ إذ قد خرج وقتها(٢)، ودليل هذا قول أمير المؤمنين كرم الله وجهه لما بعثه رسول الله ÷ إلى اليمن قال: «يا علي، كبر في دبر [صلاة](٣) الفجر يوم عرفة، إلى آخر أيام التشريق بعد العصر».
(١) في الشرح: «صلاة الفجر».
(٢) لعل الصواب: وقته، وفي حاشية السحولي وهامش شرح الأزهار نقلاً عنها: إذ قد خرجت أيام التشريق.
(٣) ما بين المعقوفين من هامش شرح الأزهار.