(فصل): فيمن يجب غسله من الأموات ومن يحرم
  يمت إلا وقد بلغ فإنه يغسل؛ اعتباراً بحال الجرح. وأما الفاسق لو لم يمت إلا وقد تاب اعتبر بحالته وقت الموت، وإن استوت الحالتان(١) لكن اعتبار أن عدم غسله لشهادته، لا لفسقه.
  فَرْعٌ: ويجب أن يغسل من أعضاء الشهيد ما تنجس بغير دمه ولو أدى إلى غسل جميعه فتأمل، والله أعلم.
  فائدة: وإنما سمي شهيداً لأن ملائكته شهود له بالجنة، أو لأنه شاهد، يعني: كأنه حاضر لم يمت، أو لأن ملائكة الرحمة تشهده، أو لقيامه بشهادة الحق في أمر الله تعالى [حتى قتل](٢)، أو لأنه يشهد ما(٣) أعد الله له من الكرامة بالقتل، فكل وجه من هذه قد قيل.
  (أو) لم يمت الشهيد في الحال، بل (جُرح في المعركة) بضم الراء وفتحها، موضع القتال، حيث تصل السهام وجولان الخيل، فإذا أصيب في هذا الموضع ولو من دواب أهل الحرب أو دابته ولو قتل خطأ(٤) من غيره من أصحابه، ولو كان غير مقاتل بل متفرجًا؛ إذ التسويد كافٍ، (بما يقتله) عادة (يقيناً) بمباشرة أو بسراية - فإنه لا يغسل أيضاً وإن لم يمت في موضع القتال، بل حمل إلى فراشه ومات عليه وإن طالت المدة حتى مات، لكن اعتبر أن تكون تلك الجناية التي أصابته في المعركة قاتلة عادة، كالرمية في مقتل أو قاتلة، وكالناصحة أو نحوها(٥) مما يعلم بطريق العادة أنه يموت منها وإن أكل وشرب بعدها.
  فَرْعٌ: فإن وجد ميتاً في المعركة وليس فيه جراح، فإن كان فيه أمارات القتل كخروج الدم من عينيه أو أذنيه أو جوفه - ويعرف كونه من الجوف بكونه مزبداً -
(١) أي: أنه لا يغسل إما لفسقه وإما لشهادته، لكن إذا مات حال الموت اعتبر أن عدم غسله لشهادته.
(٢) ما بين المعقوفين من النهاية وهامش شرح الأزهار.
(٣) في المخطوطات: لما، والمثبت من النهاية وهامش شرح الأزهار.
(٤) جرح. (شرح).
(٥) في المخطوط: أو نحوهما.