(فصل): في صفة غسل الميت
  شيء بعد ذلك، فلا تجب الرابعة؛ إذ قد كملت الغسلات الواجبات ثلاث مرات، ولو خرج بعد الرابعة وجبت الخامسة ولا زيادة، كما لو خرج بعد الثانية وجبت الثالثة ولا زيادة، وإن لم يخرج بعد الثانية ندبت الثالثة، كما لو لم يخرج بعد الرابعة ندبت الخامسة، أو السادسة ندبت السابعة، وحيث لا يخرج شيء بعد الثانية وقد وجبت بأن خرج بعد الأولى تندب الثالثة، وإذا خرج شيء وجبت الرابعة وندبت الخامسة، ثم لا شيء بعد ذلك، فظهر لك من هذا أن الواجب ثلاث غسلات مخصوصات، فصورة الأزهار: هو ما إذا تفرق الخروج بعد كمال الغسل الواجب والمندوب في كل مرة حتى كملت سبعًا، فأما لو كملت الثلاث الواجبات قبل ذلك لم يجب أن يتعداها على أي صورة، والغسلة الواجبة هي التي تكون بعد خروج شيء، والتي بعدها مندوبة، فتأمل، والله أعلم.
  مَسْألَة: (وتحرم) أخذ (الأجرة) على غسل الميت سواء كان مؤمنًا أو فاسقًا، والكافر بالأولى، وسواء تعين على الغاسل غسل الميت أم لا مع وجود غيره فإنه يحرم أخذها. وإنما يحرم على الغسلة الأولى، وكذا على غسل النجاسة؛ لأنه لا يصح غسل المحل إلا بعد إزالتها، فكانت واجبة كالغسلة الأولى، وأما الغسلة الثانية والثالثة - والمراد المندوب من الغسلات - فيجوز أخذ الأجرة عليها؛ لعدم وجوبها، ويستحقها الغاسل إن شرطها أو اعتادها كما هي قاعدة الإجارة، فتأمل.
  (و) في غسل الميت (لا تجب النية) على الغاسل، وكذا الميَمِّم له؛ إذ ذلك كغسل النجاسة ولا تجب له نية. ولا يؤخذ من عدم اشتراط النية من الغاسل في غسل الميت صحة غسله من الصبي؛ لاشتراط العدالة، والصبي لا يوصف بها ولا بالفسق، فلا يصح من الصبي غسل الميت، ومثله المجنون؛ لذلك، وقد مر.
  وفي هذين الحكمين - وهما: تحريم الأجرة، وعدم وجوب النية في غسل الميت - هو (عكس) غسل (الحي) فإنه يجوز أخذ الأجرة على غسله، ويؤخذ من هذا عدم وجوب الوضوء على الصحيح للمريض غير القادر على الوضوء. وإنما تحل الأجرة في غسل الحي حيث لا محظور مع الغسل من لمس أو غيره، وإلا حرمت كما تحرم على