(فصل): في الانتقال عن حكم الأصل من طهارة أو نجاسة وذكر مسائل مما يعمل فيها بالعلم وغيره
  ٥ - ومنها: كل حكم ليس عليه دلالة قاطعة فإنه يكفي الظن في أداء الظني، وذلك كالقِبلة في حق غير المعاين(١)؛ ومن هذا ظن القصَّاب(٢) هل كونه مسلماً أو كافراً، ولو كان الذي ظُنَّ أنه مسلم في دار الكفر، أو الذي ظُنَّ أنه كافر في دار الإسلام فإنه يعمل بالظن في ذلك.
  وقد يعدّ منها أخبار الآحاد الواردة عن رسول الله ÷، وليس بذاك، بل هو يجب على المجتهد العمل بخبر الآحاد الواردة ولو لم تفده ظناً، كما أنه يعمل بشهادة مَن صحت عدالته ولو لم تفده ظناً، ما لم يظن الكذب في أخبار الآحاد، وما لم يعلم الكذب أو الجرح في شهادة من صحت عدالته. وهذا في خبر الآحاد في غير مسائل الأصول، وفيما تعم به البلوى عملاً، كما هو مقرر في مظانه.
  ومن العبادات إذا التبس عليه هل تجب عليه زكاة أم لا، وفي المسافة هل توجب القصر أم لا - فيعمل في ذلك بالظن.
  ومما يعمل فيه بالظن في العبادات والمعاملات انقضاءُ حيضِ المرأةِ، فلو أخبرت بذلك زوجها جاز له الوطء لها ولو لم يفد خبرُها إلا الظن، وانقضاءُ حِيَضِ عدتِها أيضاً، وانقضاءُ عدتِها بغيره حيث لا منازع لها، فيقبل خبرَها مَن أراد التزويج بها ولو لم يفد إلا الظن.
  ومنها: قبول خبر المنادي بأنه وكيل ببيع ما في يده، سواء كان عدلاً أم لا، فيكفي الظن بصحة خبره. وكمن قدمت من غيبة أو حاضرة وأخبرت أن زوجها طلقها وانقضت عدتها، أو أن زوجها قد مات أو فسخها، لا أنها فسخته فلا يقبل قولها. والمنادي والمرأة - سواء كانت قادمة من غيبة أو حاضرة؛ لأن اليد لها على نفسها - لا يقبل خبرهما بما أخبرا به إلا بشرطين، وهما:
  [١] عدم وجود منازع لهما فيما ادعياه(٣).
  [٢] وأن لا يظن كذبهما. فعلى هذا يكفي
(١) ومن في حكمه. (é). (شرح).
(٢) القصاب: الجزار.
(٣) ولو من طريق الحسبة. (é). (شرح).