(باب) بيان من تصرف فيه الزكاة
  الزوجة في المستقبل، وكذا المهر إذا كان حلية موجودة فتستثنى كالكسوة إذا لم تجب الزكاة في عينها، وكذا لو كانت له أمة حسناء وهي لا تحصنه إلا هي أو مثلها - فإن هذه الأشياء تستثنى له، فتأمل. والله أعلم، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله، آمين.
  (و) الصنف الثاني: (المسكين) وهو من لا يملك القدر الذي يستثنى للفقير، فهو (دونه) يعني: دون الفقير، فمن أوصى بشيء للفقراء دخل فيه المسكين، وكذا النذر، لا العكس؛ إذ الفقير ليس بمسكين إلا لعرف عند الموصي أو الناذر أنهما سواء، وعرفنا الآن أنهما سواء. وهذه فائدة التفرقة بين المسكين والفقير، وإلا فهما في باب الزكاة ونحوها من الكفارات سواء، فما جاز صرفه من ذلك في أحدهما جاز صرفه في الآخر.
  مَسْألَة: ولا يصير بالحرفة غنياً وإن كانت تغنيه.
  (و) اعلم أنه (لا) يجوز للفقير وكذا المسكين أن (يستكملا) لو أخذا شيئاً من الزكاة أو نحوها (نصاباً) كاملاً، بل يقتصر في أخذه على دون النصاب، وسواء أخذ ذلك في دفعة واحدة أو دفعات. وهذا المنع إنما هو إذا أخذ (من جنس واحد) أو من الذهب والفضة أو نحوهما؛ إذ هما كالجنس الواحد فلا يستكمل منهما معاً ما يأتي نصاب أحدهما(١)؛ إذ حكمهما حكم الجنس الواحد، وأما ما لا نصاب له في عينه فإنه يستثنى له منه ما قيمته دون نصاب من أحد النقدين. وأما من أجناس فيجوز له أن يأخذ من كل واحد دون نصاب وإن اجتمع معه من ذلك ما لو قدر كونه جنساً واحداً لأتى نصاباً.
  نعم، ومنع الاستكمال من الجنس إنما هو إذا كان المعطي له غير الإمام، لا هو فيأخذ منه ما أعطاه وإن كثر؛ لتجويز أنه من غير الزكاة - أعني: ذلك الزائد على ما يحل للفقير - مما يجوز صرفه إلى الأغنياء، أو كونه يعطيه ذلك تأليفاً أو نحوه، فيحمل الإمام على السلامة ويؤخذ منه ولو كثر المعطى.
(١) في (ج): «أحدهما نصاب».