(باب) بيان من تصرف فيه الزكاة
  كذلك وجب عليه الرد إن كانت باقية، أو تلفت بجناية أو تفريط وجب الرد أيضاً، وكذا لو شرط عليه إن كان مستحقاً وشرط عليه الرد إن انكشف غير مستحق فالعبرة بحال الأخذ والوجوب معاً. وعلى قولنا: «العبرة بحال الأخذ» لو تغير حال المخرج إلى موت أو إلى فقر أو نحوهما فإنه يخرج من كونهما زكاة، فيجب الرد من الإمام والمصدق مطلقاً، ومن الفقير مع الشرط، وهذا كالضابط لما مر.
  فعلى هذا المسألة على وجوه: تغير حال المخرِج، والمخرَج عنه، والمخرَج إليه، والمخرَج نفسه، فالأولان المخرج والمخرج عنه إذا اختل أحدهما انكشف عدم الوجوب(١) من الأصل، والآخران قد أجزأ الصرف، والله أعلم، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله، آمين.
  (و) الصنف الثالث: (العامل) وهو (من باشر جمعها) من أيدي أهلها الذين وجبت عليهم، وكذا الحاشر، وهو الجامع من الأمكنة البعيدة، والعريف المجتهد في أخذها من أيدي أهلها، والقاسم(٢)، وأما الحاشر للغنم مثلاً والكيّال والنظَّار والوزَّان فأجرتهم على المالك؛ إذ هي لتمكن الاستيفاء، لا مؤنتها بعد تمييزها فمنها، ولا يضمنها العامل. ويعتبر في العامل أن يباشر جمعها (بأمر) من له أخذها من أهلها، ويعتبر أن يكون (محق) كالإمام، وإلا فهو غاصب بأخذها من أيديهم إن لم يكن بأمر محق. ويعتبر أن يكون أميناً من يرتضيه الإمام، فلو كان غير أمين بحيث لو ظهر للإمام باطنه لم يوله ذلك لم يجز له التولية. ويصح أن يكون فاسقاً، فلا يشترط فيه العدالة، وكذا غنياً أو هاشمياً ويعطى أجرته من غيرها، فإن كان الإمام هو المباشر جمعها استحق الأجرة مما يحل له من بيت المال.
  (وله) يعني: للعامل من الزكاة (ما) يستحقه، وذلك أجرة المثل على عمله، سواء كان قدر الذي (فرض آمره) أو أقل أو أكثر؛ إذ هي إجارة فاسدة؛ لجهل العمل
(١) في (ج): «وجوبهما».
(٢) في المخطوط: القائس، والمثبت من هامش شرح الأزهار.