(باب) بيان من تصرف فيه الزكاة
  والكراع والنفقة والكسوة ونفقة دابته، أو يعطى دابة من فرس أو نحوه، ونفقة عبيده إن احتاج إليهم في الجهاد، ونحو ذلك مما يتعلق به حاجة في تلك الحال، فيكون من باب البر والإعانة لا من باب الشرط والأجرة، ويرد المضرب عن الخروج ما أخذ من ذلك، لا المتفضل، وأما السلاح ونحوه كالفرس فإن أعطاه الإمام ذلك لينتفع به ويرده فإنه لا يملكه، بل يجب الرد له، وإن دفعه إليه ملكًا أو قيمته ليشتري لنفسه فإنه يملكه ولا يرده، وذلك إلى رأي الإمام في التمليك وعدمه، وفي دفع أعيان السلاح أو قيمتها، والغالب في دفع القيمة أن يكون ملكاً، فيملك المشتري بها. وأما عوله فلا يعطى نفقه لهم وكسوة ولو كان لا يتم له الخروج إلا بذلك إلا من باب الفقر فقط. فأما إذا كان المجاهد من بني هاشم فإنه لا يحل له شيء منها إلا السلاح ونحوه يجاهدون ثم يردونه؛ لأنها لا تحل لهم الزكاة بسبب من الأسباب.
  (و) اعلم أنه يجوز في هذا الصنف أن (تصرف فضلة نصيبه) يعني: ما فضل عن الجهاد أو جميع نصيبه أيضاً إذا كان مستغنيًا بالكلية (لا) فضلة نصيب (غيره) من سائر الأصناف فلا يتعدى بها غيرها، وأما هذا الصنف فتصرف فضلة نصيبه أو كلها مع الغنى (في المصالح) يعني: مصالح المسلمين، من بناء المساجد والمناهل والسقايات وإصلاح الطرقات وتكفين الموتى ولو كان الميت هاشمياً ونحو ذلك مما فيه مصلحة للمسلمين، لا الأغنياء فلا يصرف إليهم من ذلك. لما فيهم من الصلاح، فما صرفه الإمام في هذه المصالح من الواجبات نوى كون ذلك من فضلة سهم سبيل الله تعالى، وإنما يجوز صرف فضلة هذا الصنف في المصالح وذلك (مع غنى الفقراء) في يومهم عنه، والمراد بالغنى: هو زوال الحاجة لا الغنى الشرعي، فإذا لم يوجد في بلد الإمام فقير محتاج جاز ذلك، وإن لا يعدم بل وجد كذلك لم يجز له؛ إذ تقديمه على المصالح وجوب، فيضمن لهم إن فعل، وليس المراد عدم حاجة الفقراء الذين في الدنيا أو بلد ولايته؛ إذ لا يخلو الفقراء المحتاجون من الوجود، فالمراد العدم في ميل البلد كما ذكرنا، وأما لو احتاج أحد من سائر الأصناف غير الفقراء فإنه يجوز الصرف في المصالح مع ذلك؛ لظاهر الأزهار؛ إذ لم يعتبر إلا عدم حاجة الفقراء فقط. وحيث