(باب) بيان من تصرف فيه الزكاة
  معه في هذه الحال مع البعد عنه كعدمه. ومن غصب أو سرق ماله وهو راجٍ له وهو مقيم في غير بلده فإنه لا يعطى منها مطلقاً سواء أمكنه القرض أم لا؛ إذ من شرطه السفر، وأما إذا كان مسافراً فقد مر أنه يعطى؛ لأنه قد خرج من بلده. وهو أيضاً يعطى - يعني: ابن السبيل الذي لم يحضر ماله - منها (و) لو (أمكنه) في تلك الحال (القرض) من سائر الناس وله مال في بلده يجد القضاء، فإمكان القرض لا يمنع استحقاقه من الزكاة بلاغاً إلى أهله، إلا أن يمكنه البيع ولو بغبن فاحش فلا يعطى، إلا أن يجحف بحاله فإنه يعطى؛ إذ لا فائدة في إمكان البيع مع ذلك، فيكون كمن لم يمكنه أو لم يجد، فتأمل، والله أعلم.
  فَرْعٌ: (و) إذا أعطي ابن السبيل شيئاً من الزكاة فإنه (يرد المضرب) عن السفر ما أخذ منها لأجل سفره، وكذا لو غني أو حضر ماله أو فسق أو ارتد أو مات قبل أن يسافر فإنه كالإضراب يجب عليه رد ذلك، لا يقال: قد ملك، والعبرة بحال الأخذ كما لو غني الفقير بعد القبض؛ لأنه يقال: هو لم يعط إلا للسفر، فكأنه تمليك مشروط بذلك، وهو لم يحصل، وكذا مشروط بعدم حضور(١) ماله وغناه، فإذا حصل بطل التمليك؛ لعدم حصول شرطه؛ إذ هو لم يعط إلا مع ذلك، فتأمل. والمراد أنه يرد ما أخذ مع الإضراب أو أي هذه الأمور إذا حصل شيء منها قبل السفر، وسواء كان المال باقياً أو قد استهلكه حكماً أو حساً فإنه يرده أو مثله مع التلف أو قيمته، وهذا يدخل في قوله ¦: «ومن خالف فيما أخذ لأجله رد»، ولا يبعد ضمانه للأرش لو كان قد فعل فيما أعطي ما يوجبه، فلينظر، والله أعلم.
  (لا المتفضل) يعني: لا من فضل له شيء مما أعطي بعد أن بلغ مقصده فإنه لا يجب عليه رده، وسواء بقي ذلك لأجل تقتيره في الإنفاق أو لأجل كثرة ما أعطي؛ إذ قد استحق ذلك بالسبب الذي أعطي لأجله، وهو السفر، وكذا(٢) لو غني أو مات
(١) في (ج): «حصول».
(٢) في (ج): «وكذلك».