تيسير الغفار المعروف بـ (مجموع أهل ذمار)،

عبدالله بن علي العنسي (المتوفى: 1301 هـ)

(باب) بيان من تصرف فيه الزكاة

صفحة 253 - الجزء 2

  أو حضر ماله أو نحو ذلك من فسق أو نحوه بعد أن سافر ولو قبل بلوغ وطنه فهو كالمتفضل لا يجب عليه الرد لما قد أخذ، فظهر لك أن الغنى والفسق ونحوهما إن حصل قبل السفر وجب الرد لما قد أخذ ولو بعد الاستهلاك حساً أو حكماً، وإن لم يحصل إلا بعد لم يجب الرد كالمتفضل، والله أعلم.

  فَرْعٌ: ومن أضرب عن السفر عشراً فإن كان عازماً على السفر بعد العشر وغلب في ظنه أنه لا يجد بلغته⁣(⁣١) إلا بها⁣(⁣٢) فإنه لا يلزمه الرد ولا يجوز له استهلاكها قبل السفر، ومتى سافر ثم عرضت له الإقامة مع عزم⁣(⁣٣) السفر فكذلك، ومع الإضراب يرد الزائد على قدر المسافة التي قطعها؛ إذ لم يحصل سبب تملكها، فأما المتفضل فقد حصل السبب، وهو بلوغ الغاية.

  مَسْألَة: وإذا استغنى بعض هذه الأصناف عن الزكاة دون بعض فإنه يجوز للإمام الصرف في ذلك الصنف غير المستغني ولو لجميع الزكاة، وهذا لا إشكال فيه.

  (و) إن كانت كلها غير مستغنية فإنه أيضاً يجوز (للإمام تفضيل) بعض الأصناف على بعض، وكذا الإيثار، أما الإيثار فظاهر لمصلحة يراها، وهو أن يصرف الزكاة جميعها في صنف واحد، أو يصرف سهمًا من الثمانية في بعض مصرفه دون بعض فهذا إيثار، والتفضيل له صورتان أيضاً: أن يعطي بعض الأصناف الثمانية أكثر مما يعطي الآخر. والصورة الثانية: أن يعطي بعض أهل صنف أكثر مما يعطي البعض الآخر من ذلك الصنف.

  فهذا الإيثار والتفضيل في صورهما الأربع جائز للإمام ولو مع عدم استغناء من لم يؤثره ولم يفضله، وذلك إذا كان ذلك الإيثار أو التفضيل (غير مجحف) بأهل الصنف الآخر أو ببعض الصنف المفضل عليه، لا إن كان مجحفاً فإنه لا يجوز للإمام، وصورته: أن يصرف الزكاة جميعها في سبيل الله مع احتياج الفقراء إليها أو العكس،


(١) في (ج): «تبلغته».

(٢) في (ج): «منها».

(٣) في المخطوط: عدم، والمثبت من هامش شرح الأزهار.