(باب) بيان من تصرف فيه الزكاة
  أو يصرف نصيب الفقراء في بعضهم مع الإجحاف بالآخرين. فهاتان صورتا الإيثار مع الإجحاف، أو يصرف في سبيل الله أكثر من سهمه مع الإجحاف بالأصناف الأخرى(١)، أو العكس، أو يصرف أكثر نصيب أحد الأصناف في بعض من ذلك الصنف مع الإجحاف بالبعض الآخر، وذلك كأن يعطي بعض الغارمين فوق ما يقضي دينه والآخر دون ما يقضي دينه، أو يعطي بعض الفقراء ما يكفيه وعوله إلى الحول والآخر دون ما يكفيه وعوله كذلك بغير مرجح، فإن ذلك لا يجوز؛ إذ هو حيف وميل، لا إن فعل ذلك لمرجح في المفضل من علم أو تعلم أو فتوى أو نحو ذلك فلا بأس. وليس من الممنوع منه أن يعطي الفقراء ويمنع الغارمين أو يعطيهم بعض سهمهم لأمر يراه من مصلحة؛ إذ الغارم معذور عن القضاء؛ للإعسار، فتأمل؛ ولذا إن المثال في تفضيل الغارم أن يعطيه فوق ما يكفيه، بخلافه في الفقير فالمراد التفضيل على الآخر ولو دون الكفاية لذلك. وأما رب المال فيجوز له التفضيل وإن أجحف بالصنف الآخر، وهو مفهوم قوله |: «وللإمام تفضيل ... إلخ».
  (و) يجوز للإمام أيضاً التفضيل لبعض الأشخاص (لتعدد السبب) المقتضي للصرف في ذلك الشخص، كأن يكون فقيراً عاملاً غارماً مجاهداً فيصرف فيه الإمام زائداً على ما يصرفه في الشخص الذي هو فقير فقط، ولا يعطي من تعددت فيه الأسباب إلا دون النصاب، إلا فيما يجوز مع الغنى كالعامل والمؤلف فتجوز الزيادة عليه، فتأمل.
  فائدة: قال أبو علي: يجب على الإمام أن يتعهد العالم والمتعلم ويرزقهما من بيت المال؛ ليتفرغا لطلب العلم. قلت: فإن لم يفعل أثم، وهو أفضل من الجهاد، فقد جاء عنه ÷: «لولا العلماء لما عبد الله في الأرض». والله أعلم.
(١) في (ج): «الآخرين».