تيسير الغفار المعروف بـ (مجموع أهل ذمار)،

عبدالله بن علي العنسي (المتوفى: 1301 هـ)

(باب) بيان من تصرف فيه الزكاة

صفحة 255 - الجزء 2

  (و) يجوز للإمام أيضاً أن (يرد) الزكاة بعد قبضها ولو بالتخلية، وذلك (في) الشخص (المخرج) لها (المستحق) لها بوجه، كأن يكون الصارف فقيراً وقد لزمته هذه الزكاة في حال غناه فجاء إلى الإمام بها فإنه يجوز أن يردها إليه، وكذا لو كان الصارف ممن ينبغي للإمام تأليفه فإنه يقبضها منه ويجوز له⁣(⁣١) أن يتألفه بها، ويكفي هنا التخلية، وكذا يجوز للإمام أن يصرفها في أبناء ذلك المخرج أو آبائه أو يأمره بقبضها عن الإمام للزكاة ثم يصرفها في أولاده أو آبائه، وتكفي التخلية أيضاً في القبض عن الإمام عن الزكاة، ووجه ذلك: أنها قد برئت ذمة المخرج بإخراج الزكاة إلى الإمام أو واليه، وبعد براءة ذمته صار بالنظر إلى هذه الزكاة التي دفعها كالأجنبي فجاز له أخذها وأصوله وفصوله كزكاة الغير، فتأمل، والله أعلم.

  (و) اعلم أن هؤلاء الأصناف (يقبل قولهم في الفقر) بلا بينة عليهم ولا يمين أيضاً، وهذا مع اللبس. وابن السبيل كغيره [لا]⁣(⁣٢) يقبل قوله مع اللبس، فإن ظن غناهم طولبوا البينة، وكذا لو ظن كذبهم في دعواهم أنهم فقراء، وأما المجاهد والمكاتب فيبينان على حصول سببه مطلقاً، فتأمل.

  مَسْألَة: (ويحرم) على المكلف (السؤال) لغيره أن يعطيه من ماله ولو من الزكاة، وكذا سؤال العارية إلا لحاجة، إلا سؤال القرضة فخصه الإجماع، وترك سؤاله عند الغنى عنه أولى، بل لا يبعد حظره، وأصل تحريم السؤال آثار وردت في ذلك، منها: قوله ÷: «من سأل ومعه ما يغنيه فإنما يستكثر من جمر جهنم» قيل: وما يغنيه يا رسول الله؟ قال: «قوت يومه»، وفي بعض الأخبار أربعين يوماً، فحمل اليوم على الكفاية، والأربعين على الكسوة، وقد جاء في الحديث «أنه يبعث وليس في وجهه مزعة لحم». والسؤال أيضاً لا ينفك من ثلاثة أمور محرمة: الأول: إظهار الشكوى بالله تعالى؛ إذ السؤال إظهار للفقر⁣(⁣٣) وذكر لقصور نعم الله عليه، فهو عين


(١) في (ج): «للإمام».

(٢) زدنا «لا» ليوافق ما ذهب عليه في هامش شرح الأزهار.

(٣) في (ج): «الفقر».