(باب) بيان من تصرف فيه الزكاة
  فهل يُرد إلى بيت المال أو يتصدق به أو يطيب له؟ ينظر في ذلك. وإلا أن يأذن الإمام للمصدق بأخذها على وجه التضمين لصاحبها عما عليه من حقوق الله تعالى جاز(١)، ويكون لبيت المال، وقد أذن ÷ لمعاذ بن جبل في قبولها حين بعثه إلى اليمن وأهديَ لمعاذ ثلاثون رقيقاً فحاول عمر أخذها لبيت المال فقال معاذ: طعمة أطعمنيها رسول الله ÷، وأتى معاذ والرقيق يصلون فقال: لمن تصلون؟ فقالوا: لله تعالى، فقال: قد وهبتكم لمن تصلون له. وقد روي عن النبي ÷ أنه استعمل رجلاً من الأزد ابن اللبيبة(٢) فلما قدم إلى النبي ÷ قال: هذا لي أهديَ إليّ، وهذا لكم، فقال رسول الله ÷: «فهلّا جلس في بيت أمه أو بيت أبيه فينظر أيهدى إليه شيء أم لا، والذي نفسي بيده لا يأخذ أحد شيئًا إلا جاء به يوم القيامة يحمله على عنقه، إن كان بعيرًا له رغاء، أو بقرة لها خوار، أو شاة تيعر(٣)، ثم رفع بيديه حتى رأينا عفرة(٤) إبطه وقال: اللهم هل بلغت». هذا ما دل على تحريم ذلك، وفيه دلالة على رده إلى بيت المال، فلينظر.
  مَسْألَة: ويجوز ويكره للمالك أن يشتري ما دفعه إلى الفقير أو المصدق المأذون له بالبيع والشراء(٥)؛ لأن الفقير أو المصدق قد يحابيه.
  مَسْألَة: (ولا) يجوز أن (يبتع أحد) شيئاً وجب فيه العشر أو الخمس وغلب على ظنه أنه (لم يعشر أو) لم (يخمس) يعني: لم يخرج منه ذلك الواجب، والعبرة بمذهب البائع في العشر أو(٦) الخمس، والجاهل كالمجتهد، فلو اشترى ما فيه الخمس عند المشتري ممن لا يرى وجوبه أو من جاهل للوجوب وعدمه صح الشراء ولا شيء على
(١) في هامش شرح الأزهار: جاز ما لم يورث التهمة، وإلا لم يجز.
(٢) في المخطوط: أبو لبيبة، والمثبت من كتب الحديث وهامش شرح الأزهار.
(٣) أي: تصيح، واليعار: صوت المعز.
(٤) العفرة: بياض ليس بالناصع، ولكن كلون عفر الأرض، وهو وجهها. نهاية.
(٥) لم يذكر الشراء في البيان.
(٦) في (ج): «و».