(باب) بيان من تصرف فيه الزكاة
  هذا وأما إذا كان المضمر لذلك هو المدفوع إليه دون الدافع فإنه لا يمتنع الإجزاء، وكذا إن قال الدافع: إن شئت أن تردها إليّ فرد(١)، فإنه لا يمتنع الإجزاء أيضاً، وكذا إن كان الدافع وكيلاً عن غيره فإن مواطأته وغيره لا حكم لها؛ لأن النية نية الموكل. ولو قال رب المال للفقير: قد طلب الزكاةَ الظالمُ مني، وقد أردت أن أصرفها إليك وتردها إليّ أدفعها إليه إن شئت؛ لأن الإعادة تجحف بي [ثم إن الفقير فعل ذلك وأعانه بها] من باب المعاونة على التقوى - فذلك يجزئ أيضاً إن قال: «تدفعها إليَّ إن شئت»، وأما لو فعل ذلك ليحصل له بعضها من الصارف بطيبة من نفسه أو عرف أنه لولا ذلك الغرض - وهو ردها - لما فعل الصرف إليه فلعل ذلك كمسألة المواطأة، لا يجزي، والله أعلم.
  وكذا أيضاً لا يجوز التحيل في (أخذها) يعني: الزكاة (ونحوها) كالفطرة والكفارة ودماء الحج وما أشبهها، وله أيضاً صورتان:
  الأولى: أن يتحيل بقبض الفقير تحليلًا للغني والهاشمي الغني أو نحوهما كالأصول والفصول، فهذا كالتحيل للإسقاط لا يجوز ولا تجزئ المالك.
  الصورة الثانية: أن يتحيل الغني بإخراج المال عن ملكه لتحل له الزكاة؛ لصيرورته فقيرًا، ففي هذه الصورة يجزئ الصارف إليه بعد فقره وإن كان آثمًا بإخراج ماله عن ملكه، هذا إن قصد به المكاثرة كما مر، لا إن قصد به لتحصل له الكفاية إلى الدخل أو إلى الحول أو لقضاء الدين لم يأثم بذلك، وهو المراد بقوله ¦: (غالبًا) ويحترز أيضاً من فقيرين عليهما زكاة أو نحوها فيترادان سلعة يصرفها كل واحد منهما في الآخر عما عليه من الزكاة فذلك أيضاً جائز مجزٍ وإن قارن الشرط، حيث قد أذن لهما الإمام بذلك، أو لو لم يكن إمام، أو لم يطلبها، فيجوز لكل واحد منهما أن يصرف ما عليه إلى الثاني على أن يرده عما عليه، فإن كان أحدهما محتاطًا ظانًا لوجوبها فقط والآخر متيقنًا جاز أيضاً إذا تقدم بالإخراج المحتاط ثم يرد الآخر
(١) في هامش شرح الأزهار: صرفت إليك هذا على أن ترده لي إن شئت.