مفردات ألفاظ القرآن،

الراغب الأصفهاني (المتوفى: 502 هـ)

برد

صفحة 116 - الجزء 1

  إلى جهة لا يمكنه فيها الرمي فيتشاءم به، وجمعه بَوَارِح، وخصّ السّانح بالمقبل من جهة يمكن رميه، ويتيمّن به، والبَارِحَة: الليلة الماضية، وما بَرِحَ: ثبت في البراح، ومنه قوله ø: {لا أَبْرَحُ}⁣[الكهف: ٦٠]، وخصّ بالإثبات، كقولهم: لا أزال، لأنّ برح وزال اقتضيا معنى النفي، و «لا» للنفي، والنفيان يحصل من اجتماعهما إثبات، وعلى ذلك قوله ø: {لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْه عاكِفِينَ}⁣[طه: ٩١]، وقال تعالى: {لا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ}⁣[الكهف: ٦٠]، ولمّا تصوّر من البارح معنى التشاؤم اشتق منه التَّبْرِيح والتَّبَارِيح فقيل: برّح بي الأمر، وبرّح بي فلان في التقاضي، وضربه ضربا مُبَرِّحاً، وجاء فلان بالبرح، و:

  ٤٧ - أَبْرَحْتَ ربّا وأبرحت جارا⁣(⁣١)

  أي: أكرمت، وقيل للرامي إذا أخطأ: برحى⁣(⁣٢) دعاء عليه، وإذا أصاب: مرحى، دعاء له، ولقيت منه البرَحِينَ⁣(⁣٣) والبُرَحَاء، أي:

  الشدائد، وبُرَحَاء الحمّى: شدتها.

برد

  أصل البرد خلاف الحر، فتارة يعتبر ذاته فيقال: بَرَدَ كذا، أي: اكتسب بردا، وبرد الماء كذا، أي: أكسبه بردا، نحو:

  ٤٨ - ستبرد أكبادا وتبكي بواكيا⁣(⁣٤)

  ويقال: بَرَّدَه أيضا، وقيل: قد جاء أَبْرَدَ، وليس بصحيح⁣(⁣٥)، ومنه البَرَّادَة لما يبرّد الماء، ويقال: بَرَدَ كذا، إذا ثبت⁣(⁣٦) ثبوت البرد، واختصاص للثبوت بالبرد كاختصاص الحرارة بالحرّ، فيقال: بَرَدَ كذا، أي: ثبت، كما يقال:

  بَرَدَ عليه دين. قال الشاعر:

  ٤٩ - اليوم يوم بارد سمومه⁣(⁣٧)

  وقال الآخر:


(١) هذا عجز بيت للأعشى وصدره:

تقول ابنتي حين جدّ الرحيل

وهو في ديوانه ص ٨٢، والأفعال ٤/ ٨٢، وجمهرة اللغة ١/ ٢١٨، والمجمل ١/ ١٢٣، وديوان الأدب ٢/ ٢٨٨.

(٢) انظر: المجمل ١/ ١٢٣.

(٣) البرحين: مثلَّثة الباء، أي: الدواهي والشدائد، وانظر المستقصى ٢/ ١٨٤.

(٤) هذا عجز بيت لمالك بن الريب، وصدره:

وعطَّل قلوصي في الركاب فإنها

وهو في المجمل ١/ ١٢٤، واللسان (برد)، وأساس البلاغة ص ١٩، وشمس العلوم ١/ ١٥٢.

(٥) قال ابن منظور: ولا يقال أبردته إلا في لغة رديئة.

(٦) انظر: الأفعال ٤/ ٧٩.

(٧) هذا شطر بيت وعجزه:

من جزع اليوم فلا تلومه

ولم ينسب، وهو في اللسان (برد)، والمجمل ١/ ١٠٤، والأفعال ٤/ ٧٩، والجمهرة ١/ ٢٤٠، وتهذيب اللغة ١٣/ ١٠٥.