مفردات ألفاظ القرآن،

الراغب الأصفهاني (المتوفى: 502 هـ)

حجب

صفحة 219 - الجزء 1

  النحر، ويوم عرفة، وروي: «العمرة الحجّ الأصغر»⁣(⁣١).

  والحُجَّة: الدلالة المبيّنة للمحجّة، أي:

  المقصد المستقيم الذي يقتضي صحة أحد النقيضين. قال تعالى: {قُلْ فَلِلَّه الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ}⁣[الأنعام: ١٤٩]، وقال: {لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا}⁣[البقرة: ١٥٠]، فجعل ما يحتجّ بها الذين ظلموا مستثنى من الحجة وإن لم يكن حجة، وذلك كقول الشاعر:

  ١٠٤ - ولا عيب فيهم غير أنّ سيوفهم ... بهنّ فلول من قراع الكتائب⁣(⁣٢)

  ويجوز أنّه سمّى ما يحتجون به حجة، كقوله تعالى: {والَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي الله مِنْ بَعْدِ ما اسْتُجِيبَ لَه حُجَّتُهُمْ داحِضَةٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ}⁣[الشورى: ١٦]، فسمّى الداحضة حجّة، وقوله تعالى: {لا حُجَّةَ بَيْنَنا وبَيْنَكُمُ}⁣[الشورى: ١٥]، أي: لا احتجاج لظهور البيان، والمُحاجَّة: أن يطلب كلّ واحد أن يردّ الآخر عن حجّته ومحجّته، قال تعالى: {وحاجَّه قَوْمُه قالَ أَتُحاجُّونِّي فِي الله}⁣[الأنعام: ٨٠]، {فَمَنْ حَاجَّكَ فِيه مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ}⁣[آل عمران: ٦١]، وقال تعالى: {لِمَ تُحَاجُّونَ فِي إِبْراهِيمَ}⁣[آل عمران: ٦٥]، وقال تعالى: {ها أَنْتُمْ هؤُلاءِ حاجَجْتُمْ فِيما لَكُمْ بِه عِلْمٌ فَلِمَ تُحَاجُّونَ فِيما لَيْسَ لَكُمْ بِه عِلْمٌ}⁣[آل عمران: ٦٦]، وقال تعالى: {وإِذْ يَتَحاجُّونَ فِي النَّارِ}⁣[غافر: ٤٧]، وسمّي سبر الجراحة حجّا، قال الشاعر:

  ١٠٥ - يحجّ مأمومة في قعرها لجف⁣(⁣٣)

حجب

  الحَجْب والحِجَاب: المنع من الوصول، يقال: حَجَبَه حَجْباً وحِجَاباً، وحِجَاب الجوف:

  ما يحجب عن الفؤاد، وقوله تعالى: {وبَيْنَهُما حِجابٌ}⁣[الأعراف: ٤٦]، ليس يعني به ما يحجب البصر، وإنما يعني ما يمنع من وصول لذّة أهل الجنّة إلى أهل النّار، وأذيّة أهل النّار إلى أهل الجنّة، كقوله ø: {فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَه بابٌ باطِنُه فِيه الرَّحْمَةُ وظاهِرُه مِنْ قِبَلِه الْعَذابُ}⁣[الحديد: ١٣]، وقال ø:


(١) هذا مروي عن ابن عباس، وأخرجه عنه ابن أبي شيبة وابن أبي حاتم قال: العمرة الحجة الصغرى. وأخرج الشافعي في الأم عن عبد اللَّه بن أبي بكر أنّ في الكتاب الذي كتبه رسول اللَّه لعمرو بن حزم: «إنّ العمرة هي الحج الأصغر» راجع: الدر المنثور ١/ ٥٠٤ - ٥٠٥، وأخرجه ابن أبي شيبة ٣/ ١٥٨.

(٢) البيت للنابغة الذبياني من قصيدة له يمدح عمرو بن الحارث الأصغر وهو في ديوانه ص ١١، والبصائر ٢/ ٤٣٢.

(٣) الشطر لعذار بن درة الطائي، وعجزه:

فاست الطبيب قذاها كالمغاريد

وهو في المجمل ١/ ٢٢١، والمعاني الكبير ٢/ ٩٧٧، واللسان: (حجّ).