مفردات ألفاظ القرآن،

الراغب الأصفهاني (المتوفى: 502 هـ)

جنب

صفحة 205 - الجزء 1

  {ما بِصاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ}⁣[سبأ: ٤٦] أي: جنون.

  والجُنون: حائل بين النفس والعقل، وجُنَّ فلان قيل: أصابه الجن، وبني فعله كبناء الأدواء نحو: زكم ولقي⁣(⁣١) وحمّ، وقيل: أصيب جنانه، وقيل: حيل بين نفسه وعقله، فجن عقله بذلك وقوله تعالى: {مُعَلَّمٌ مَجْنُونٌ}⁣[الدخان: ١٤]، أي: ضامّة من يعلمه من الجن، وكذلك قوله تعالى: {أَإِنَّا لَتارِكُوا آلِهَتِنا لِشاعِرٍ مَجْنُونٍ}⁣[الصافات: ٣٦]، وقيل:

  ٩٩ - جنّ التلاع والآفاق⁣(⁣٢)

  أي: كثر عشبها حتى صارت كأنها مجنونة، وقوله تعالى: {والْجَانَّ خَلَقْناه مِنْ قَبْلُ مِنْ نارِ السَّمُومِ}⁣[الحجر: ٢٧] فنوع من الجنّ، وقوله تعالى: {كَأَنَّها جَانٌّ}⁣[النمل: ١٠]، قيل:

  ضرب من الحيّات.

جنب

  أصل الجَنْب: الجارحة، وجمعه: جُنُوب، قال اللَّه ø: {فَتُكْوى بِها جِباهُهُمْ وجُنُوبُهُمْ}⁣[التوبة: ٣٥]، وقال تعالى: {تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ}⁣[السجدة: ١٦]، وقال ø: {قِياماً وقُعُوداً وعَلى جُنُوبِهِمْ}⁣[آل عمران: ١٩١].

  ثم يستعار من الناحية التي تليها كعادتهم في استعارة سائر الجوارح لذلك، نحو: اليمين والشمال، كقول الشاعر:

  ١٠٠ - من عن يميني مرّة وأمامي⁣(⁣٣)

  وقيل: جنب الحائط وجنبه، {والصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ}⁣[النساء: ٣٦]، أي: القريب، وقيل:

  كناية عن المرأة⁣(⁣٤)، وقيل: عن الرفيق في السفر⁣(⁣٥).

  قال تعالى: {يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ الله}⁣[الزمر: ٥٦]، أي: في أمره وحدّه الذي حدّه لنا.

  وسار جَنْبَيْه وجَنْبَتَيْه، وجَنَابَيْه وجَنَابَتَيْه، وجَنَبْتُه: أصبت جنبه، نحو: كبدته وفأدته.

  وجُنِبَ: شكا جنبه، نحو: كبد وفئد، وبني من الجنب الفعل على وجهين:

  أحدهما: الذهاب على ناحيته.

  والثاني: الذهاب إليه.


(١) أي: أصابته اللقوة، وهو داء في الوجه يعوجّ منه الشّدق.

(٢) البيت بتمامه:

فإذا جادت الدّجى وضعوا القدح ... وجنّ التلاع والآفاق

وهو للأعشى في ديوانه ص ١٢٩.

(٣) هذا عجز بيت، وشطره:

فلقد أراني للرماح دريئة

وهو لقطري بن الفجاءة، في مغني اللبيب ص ١٩٩، وشرح ابن عقيل ١/ ٢٤٣، وخزانة الأدب ١٠/ ١٦٣.

(٤) أخرجه ابن جرير ٥/ ٨١ عن عليّ وابن عباس.

(٥) أخرجه ابن جرير ٥/ ٨١ عن مجاهد.