باء
  فممّا هو بيان بالحال قوله: {ولا يَصُدَّنَّكُمُ الشَّيْطانُ إِنَّه لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ}[الزخرف: ٦٢]، أي: كونه عدوّا بَيِّن في الحال. {تُرِيدُونَ أَنْ تَصُدُّونا عَمَّا كانَ يَعْبُدُ آباؤُنا فَأْتُونا بِسُلْطانٍ مُبِينٍ}[إبراهيم: ١٠].
  وما هو بيان بالاختبار {فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ بِالْبَيِّناتِ والزُّبُرِ وأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ}[النحل: ٤٣ - ٤٤]، وسمّي الكلام بيانا لكشفه عن المعنى المقصود إظهاره نحو: {هذا بَيانٌ لِلنَّاسِ}[آل عمران: ١٣٨].
  وسمي ما يشرح به المجمل والمبهم من الكلام بيانا، نحو قوله: {ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا بَيانَه}[القيامة: ١٩]، ويقال: بَيَّنْتُه وأَبَنْتُه: إذا جعلت له بيانا تكشفه، نحو: {لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ}[النحل: ٤٤]، وقال: {نَذِيرٌ مُبِينٌ}[ص: ٧٠]، و {إِنَّ هذا لَهُوَ الْبَلاءُ الْمُبِينُ}[الصافات: ١٠٦]، {ولا يَكادُ يُبِينُ}[الزخرف: ٥٢]، أي: يبيّن، {وهُوَ فِي الْخِصامِ غَيْرُ مُبِينٍ}[الزخرف: ١٨].
باء
  أصل البَوَاء: مساواة الأجزاء في المكان، خلاف النّبو الذي هو منافاة الأجزاء. يقال:
  مكان بَوَاء: إذا لم يكن نابيا بنازله، وبَوَّأْتُ له مكانا: سوّيته فَتَبَوَّأَ، وبَاءَ فلان بدم فلان يَبُوءُ به أي: ساواه، قال تعالى: {وأَوْحَيْنا إِلى مُوسى وأَخِيه أَنْ تَبَوَّءا لِقَوْمِكُما بِمِصْرَ بُيُوتاً}[يونس: ٨٧]، {ولَقَدْ بَوَّأْنا بَنِي إِسْرائِيلَ مُبَوَّأَ صِدْقٍ}[يونس: ٩٣]، {تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقاعِدَ لِلْقِتالِ}[آل عمران: ١٢١]، {يَتَبَوَّأُ مِنْها حَيْثُ يَشاءُ}[يوسف: ٥٦]، وروي أنه: (كان # يتبوّأ لبوله كما يتبوّأ لمنزله)(١) وبَوَّأْتُ الرمح: هيأت له مكانا، ثم قصدت الطعن به، وقال #: «من كذب عليّ متعمّدا فليتبوأ مقعده من النّار»(٢)، وقال الراعي في صفة إبل:
  ٧٧ - لها أمرها حتى إذا ما تبوّأت ... بأخفافها مأوى تبوّأ مضجعا(٣)
  أي: يتركها الراعي حتى إذا وجدت مكانا موافقا للرعي طلب الراعي لنفسه متبوّأ
(١) الحديث عن أبي هريرة قال: «كان رسول اللَّه ﷺ يتبوّأ لبوله كما يتبوأ لمنزله» أخرجه الطبراني في الأوسط، وهو من رواية يحيى بن عبيد بن دجي عن أبيه. قال الهيثمي: ولم أر من ذكرهما، وبقية رجاله موثقون. انظر: مجمع الزوائد ١/ ٢٠٩. وأخرجه الحارث بن أبي أسامة، وانظر: المطالب العالية ١/ ١٥.
(٢) الحديث صحيح متفق على صحته وهو في فتح الباري ٣/ ١٣٠ في الجنائز، ومسلم رقم ١٤١ في المقدمة، باب تغليظ الكذب على رسول اللَّه. وقال جعفر الكتاني: لا يعرف حديث رواه أكثر من ستين صحابيا إلا هذا، ولا حديث اجتمع على روايته العشرة المبشرة إلا هو. انظر: نظم المتناثر ص ٢٣، وشرح السنة ١/ ٢٥٣.
(٣) البيت في ديوانه ص ١٦٤، وغريب الحديث ٤/ ٤٤٤، والجمهرة ٢/ ٣٤٧، والفائق ١/ ٦٥٥.