مفردات ألفاظ القرآن،

الراغب الأصفهاني (المتوفى: 502 هـ)

مرض

صفحة 765 - الجزء 1

  شجرةٌ مَرْدَاءُ: إذا لم يكن عليها ورق، وكأنّ المُمَرَّدَ إشارة إلى قول الشاعر:

  ٤٢١ - في مجدل شيّد بنيانه ... يزلّ عنه ظفر الظَّافر⁣(⁣١)

  ومَارِدٌ: حصن معروف⁣(⁣٢)، وفي الأمثال:

  تَمرَّدَ ماردٌ وعزّ الأبلق⁣(⁣٣)، قاله ملك امتنع عليه هذان الحصنان.

مرض

  الْمَرَضُ: الخروج عن الاعتدال الخاصّ بالإنسان، وذلك ضربان:

  الأوّل: مَرَضٌ جسميٌّ، وهو المذكور في قوله تعالى: {ولا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ}⁣[النور: ٦١]، {ولا عَلَى الْمَرْضى}⁣[التوبة: ٩١].

  والثاني: عبارة عن الرّذائل كالجهل، والجبن، والبخل، والنّفاق، وغيرها من الرّذائل الخلقيّة.

  نحو قوله: {فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزادَهُمُ الله مَرَضاً}⁣[البقرة: ١٠]، {أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتابُوا}⁣[النور: ٥٠]، {وأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ}⁣[التوبة: ١٢٥]. وذلك نحو قوله: {ولَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْياناً وكُفْراً}⁣[المائدة: ٦٤] ويشبّه النّفاق والكفر ونحوهما من الرذائل بالمرض، إما لكونها مانعة عن إدراك الفضائل كالمرض المانع للبدن عن التصرف الكامل، وإما لكونها مانعة عن تحصيل الحياة الأخرويّة المذكورة في قوله: {وإِنَّ الدَّارَ الآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوانُ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ}⁣[العنكبوت: ٦٤]، وإمّا لميل النّفس بها إلى الاعتقادات الرّديئة ميل البدن المريض إلى الأشياء المضرّة، ولكون هذه الأشياء متصوّرة بصورة المرض قيل: دوي صدر فلان، ونغل قلبه. وقال عليه الصلاة والسلام:

  «وأيّ داء أدوأ من البخل؟»⁣(⁣٤)، ويقال: شمسٌ مريضةٌ: إذا لم تكن مضيئة لعارض عرض لها، وأمرض فلان في قوله: إذا عرّض، والتّمريض القيام على المريض، وتحقيقه: إزالة المرض عن المريض كالتّقذية في إزالة القذى عن العين.


(١) البيت للأعشى من قصيدة مطلعها:

شاقتك من قتلة أطلالها ... بالشط فالوتر إلى حاجر

وهو في ديوانه ص ٩٦، والمساعد شرح تسهيل الفوائد ١/ ٥٢٦.

(٢) هو حصن بدومة الجندل.

(٣) في مارد والأبلق قالت الزّباء - وقد غزتهما فامتنعا عليها: تمرّد مارد، وعزّ الأبلق. فصارت مثلا لكل عزيز ممتنع. انظر: معجم البلدان ٥/ ٣٨، واللسان (مرد)، وتهذيب اللغة ١٤/ ١١٩.

(٤) قال أبو هريرة: قال رسول اللَّه : «من سيدكم يا بني سلمة؟» قالوا: سيدنا جدّ بن قيس إلا أنّه رجل فيه بخل، فقال : «وأيّ داء أدوأ من البخل!؟ بل سيدكم بشر بن البراء» أخرجه الحاكم في المستدرك ٣/ ٢١٩، وقال: صحيح على شرط مسلم، وأقرّه الذهبي.