مفردات ألفاظ القرآن،

الراغب الأصفهاني (المتوفى: 502 هـ)

عرض

صفحة 559 - الجزء 1

  كذلك «(⁣١) وقوله تعالى: {وكانَ عَرْشُه عَلَى الْماءِ}⁣[هود: ٧]، تنبيه أنّ العَرْشَ لم يزل منذ أوجد مستعليا على الماء، وقوله: {ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ}⁣[البروج: ١٥]، {رَفِيعُ الدَّرَجاتِ ذُو الْعَرْشِ}⁣[غافر: ١٥]، وما يجري مجراه قيل:

  هو إشارة إلى مملكته وسلطانه لا إلى مقرّ له يتعالى عن ذلك.

عرض

  العَرْضُ: خلافُ الطَّولِ، وأصله أن يقال في الأجسام، ثمّ يستعمل في غيرها كما قال: {فَذُو دُعاءٍ عَرِيضٍ}⁣[فصلت: ٥١].

  والعُرْضُ خصّ بالجانب، وأَعْرَضَ الشيءُ: بدا عُرْضُه، وعَرَضْتُ العودَ على الإناء، واعْتَرَضَ الشيءُ في حلقه: وقف فيه بِالْعَرْضِ، واعْتَرَضَ الفرسُ في مشيه، وفيه عُرْضِيَّةٌ. أي: اعْتِرَاضٌ في مشيه من الصّعوبة، وعَرَضْتُ الشيءَ على البيع، وعلى فلان، ولفلان نحو: {ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ}⁣[البقرة: ٣١]، {وعُرِضُوا عَلى رَبِّكَ صَفًّا}⁣[الكهف: ٤٨]، {إِنَّا عَرَضْنَا الأَمانَةَ}⁣[الأحزاب: ٧٢]، {وعَرَضْنا جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لِلْكافِرِينَ عَرْضاً}⁣[الكهف: ١٠٠]، {ويَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ}⁣[الأحقاف: ٢٠]. وعَرَضْتُ الجندَ، والعَارِضُ:

  البادي عَرْضُه، فتارةً يُخَصُّ بالسّحاب نحو: {هذا عارِضٌ مُمْطِرُنا}⁣[الأحقاف: ٢٤]، وبما يَعْرِضُ من السَّقَمِ، فيقال: به عَارِضٌ من سُقْمٍ، وتارة بالخدِّ نحو: أَخَذَ من عَارِضَيْه، وتارة بالسِّنِّ، ومنه قيل: العَوَارِضُ للثّنايا التي تظهر عند الضّحك، وقيل: فلانٌ شديدُ العَارِضَةِ⁣(⁣٢) كناية عن جودة البيان، وبعيرٌ عَرُوضٌ: يأكل الشّوك بِعَارِضَيْه، والعُرْضَةُ: ما يُجْعَلُ مُعَرَّضاً للشيء. قال تعالى: {ولا تَجْعَلُوا الله عُرْضَةً لأَيْمانِكُمْ}⁣[البقرة: ٢٢٤]، وبعيرٌ عُرْضَةٌ للسّفر. أي: يجعل مُعَرَّضاً له، وأَعْرَضَ: أظهر عَرْضَه. أي: ناحيته. فإذا قيل: أَعْرَضَ لي كذا.

  أي: بَدَا عَرْضُه فأمكن تناولُه، وإذا قيل: أَعْرَضَ عنّي، فمعناه: ولَّى مُبديا عَرْضَه. قال: {ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْها}⁣[السجدة: ٢٢]، {فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وعِظْهُمْ}⁣[النساء: ٦٣]، {وأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ}⁣[الأعراف: ١٩٩]، {ومَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي}⁣[طه: ١٢٤]، {وهُمْ عَنْ آياتِها مُعْرِضُونَ}⁣[الأنبياء: ٣٢]، وربما حذف عنه استغناء عنه نحو: {إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ}⁣[النور: ٤٨]، {ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ وهُمْ مُعْرِضُونَ}⁣[آل عمران: ٢٣]،


(١) الحديث عن أبي ذر قال: قلت: يا رسول اللَّه أيما أنزل عليك أعظم؟ قال: «آية الكرسي»، ثم قال: «يا أبا ذر ما السماوات السبع مع الكرسي إلا كحلقة ملقاة بأرض فلاة، وفضل العرش على الكرسي كفضل الفلاة على الحلقة». أخرجه البيهقي في الأسماء والصفات ص ٥١١، وابن أبي شيبة في كتاب العرش ص ٧٧. وهو ضعيف.

(٢) انظر: البصائر ٤/ ٤٤. ومنه سمّى ابن العربي شرحه للترمذي: عارضة الأحوذي.