مفردات ألفاظ القرآن،

الراغب الأصفهاني (المتوفى: 502 هـ)

رجس

صفحة 342 - الجزء 1

  {والرُّجْزَ فَاهْجُرْ}⁣[المدثر: ٥]، قيل: هو صنم، وقيل: هو كناية عن الذّنب، فسمّاه بالمآل كتسمية النّدى شحما. وقوله: {ويُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّماءِ ماءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِه ويُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطانِ}⁣[الأنفال: ١١]، والشّيطان عبارة عن الشّهوة على ما بيّن في بابه. وقيل: بل أراد برجز الشّيطان: ما يدعو إليه من الكفر والبهتان والفساد. والرِّجَازَةُ: كساء يجعل فيه أحجار فيعلَّق على أحد جانبي الهودج إذا مال⁣(⁣١)، وذلك لما يتصوّر فيه من حركته، واضطرابه.

رجس

  الرِّجْسُ: الشيء القذر، يقال: رجل رجس، ورجال أَرْجَاسٌ. قال تعالى: {رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ}⁣[المائدة: ٩٠]، والرِّجْسُ يكون على أربعة أوجه: إمّا من حيث الطَّبع، وإمّا من جهة العقل، وإمّا من جهة الشرع، وإمّا من كلّ ذلك كالميتة، فإنّ الميتة تعاف طبعا وعقلا وشرعا، والرِّجْسُ من جهة الشّرع: الخمر والميسر، وقيل: إنّ ذلك رجس من جهة العقل، وعلى ذلك نبّه بقوله تعالى: {وإِثْمُهُما أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِما}⁣[البقرة: ٢١٩]، لأنّ كلّ ما يوفي إثمه على نفعه فالعقل يقتضي تجنّبه، وجعل الكافرين رجسا من حيث إنّ الشّرك بالعقل أقبح الأشياء، قال تعالى: {وأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ}⁣[التوبة: ١٢٥]، وقوله تعالى: {ويَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ}⁣[يونس: ١٠٠]، قيل: الرِّجْسُ:

  النّتن، وقيل: العذاب⁣(⁣٢)، وذلك كقوله: {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ}⁣[التوبة: ٢٨]، وقال: {أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّه رِجْسٌ}⁣[الأنعام: ١٤٥]، وذلك من حيث الشرع، وقيل: رِجْسٌ ورجز للصّوت الشديد، وبعير رَجَّاسٌ: شديد الهدير، وغمام رَاجِسٌ ورَجَّاسٌ: شديد الرّعد.

رجع

  الرُّجُوعُ: العود إلى ما كان منه البدء، أو تقدير البدء مكانا كان أو فعلا، أو قولا، وبذاته كان رجوعه، أو بجزء من أجزائه، أو بفعل من أفعاله. فَالرُّجُوعُ: العود، والرَّجْعُ: الإعادة، والرَّجْعَةُ والرِّجْعَةُ في الطَّلاق، وفي العود إلى الدّنيا بعد الممات، ويقال: فلان يؤمن بِالرَّجْعَةِ.

  والرِّجَاعُ: مختصّ برجوع الطَّير بعد قطاعها⁣(⁣٣).

  فمن الرّجوع قوله تعالى: {لَئِنْ رَجَعْنا إِلَى الْمَدِينَةِ}⁣[المنافقون: ٨]، {فَلَمَّا رَجَعُوا إِلى أَبِيهِمْ}⁣[يوسف: ٦٣]، {ولَمَّا رَجَعَ مُوسى إِلى قَوْمِه}⁣[الأعراف: ١٥٠]،


(١) انظر: المجمل ٢/ ٤٢٠.

(٢) وهذا قول قتادة، انظر: الدر المنثور ٤/ ٣٩٤.

(٣) انظر: المجمل ٢/ ٤٢٢.