مفردات ألفاظ القرآن،

الراغب الأصفهاني (المتوفى: 502 هـ)

عزا

صفحة 565 - الجزء 1

  براءة، أو غيرهما، بالبدن كان ذلك أو بالقلب، يقال: عَزَلْتُه، واعْتَزَلْتُه، وتَعَزَّلْتُه فَاعْتَزَلَ. قال تعالى: {وإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وما يَعْبُدُونَ إِلَّا الله}⁣[الكهف: ١٦]، {فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقاتِلُوكُمْ}⁣[النساء: ٩٠]، {وأَعْتَزِلُكُمْ وما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ الله}⁣[مريم: ٤٨]، {فَاعْتَزِلُوا النِّساءَ}⁣[البقرة: ٢٢٢]، وقال الشاعر:

  ٣١٨ - يا بيت عاتكة الَّتي أَتَعَزَّلُ⁣(⁣١)

  وقوله: {إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ}⁣[الشعراء: ٢١٢]، أي: ممنوعون بعد أن كانوا يمكَّنون، والأَعْزَلُ: الذي لا رمح معه. ومن الدوابّ: ما يميل ذنبه، ومن السحاب: ما لا مطر فيه، والسّماك الأَعْزَلُ: نجمٌ سمّي به لتصوّره بخلاف السّماك الرّامح الذي معه نجم لتصوّره بصورة رمحه.

عزم

  العَزْمُ والعَزِيمَةُ: عقد القلب على إمضاء الأمر، يقال: عَزَمْتُ الأمرَ، وعَزَمْتُ عليه، واعْتَزَمْتُ. قال: {فَإِذا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى الله}⁣[آل عمران: ١٥٩]، {ولا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكاحِ}⁣[البقرة: ٢٣٥]، {وإِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ}⁣[البقرة: ٢٢٧]، {إِنَّ ذلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأُمُورِ}⁣[الشورى: ٤٣]، {ولَمْ نَجِدْ لَه عَزْماً}⁣[طه: ١١٥]، أي: محافظة على ما أمر به وعَزِيمَةً على القيام. والعَزِيمَةُ: تعويذ، كأنّه تصوّر أنّك قد عقدت بها على الشّيطان أن يمضي إرادته فيك. وجمعها: العَزَائِمُ.

عزا

  {عِزِينَ}⁣(⁣٢) أي: جماعات في تفرقة، واحدتها عِزَّةٌ، وأصله من: عَزَوْتُه فَاعْتَزَى: أي: نسبته فانتسب، فكأنّهم الجماعة المنتسب بعضهم إلى بعض، إمّا في الولادة، أو في المصاهرة، ومنه:

  الاعْتِزَاءُ في الحرب وهو أن يقول: أنا ابن فلان، وصاحب فلان. وروي: «من تَعَزَّى بِعَزَاءِ الجاهليّةِ فَأَعِضُّوه بهن أبيه»⁣(⁣٣) وقيل: {عِزِينَ} من: عَزِيَ عَزَاءً فهو عَزٍ⁣(⁣٤): إذا تصبّر وتَعَزَّى. أي: تصبّر وتأسّى، فكأنها اسم للجماعة التي يتأسّى بعضهم ببعض.


(١) هذا شطر بيت للأحوص، وعجزه:

حذر العدى وبه الفؤاد موكّل

وهو في ديوانه ص ١٦٦، والمجمل ٣/ ٦٦٦.

(٢) الآية: {عَنِ الْيَمِينِ وعَنِ الشِّمالِ عِزِينَ} سورة المعارج آية ٣٧.

(٣) الحديث عن أبي بن كعب قال: سمعت رسول اللَّه يقول: «من تعزّى بعزاء الجاهلية فأعضوه بهن أبيه ولا تكنوا». أخرجه أحمد في المسند ٥/ ١٣٦، والبخاري في الأدب المفرد رقم ٩٣٦، والطبراني في الكبير ١/ ٢٧، ورجاله ثقات، وإسناده صحيح.

(٤) انظر: الأفعال ١/ ٣١٤، والمجمل ٣/ ٦٦٦.