مفردات ألفاظ القرآن،

الراغب الأصفهاني (المتوفى: 502 هـ)

حسب

صفحة 232 - الجزء 1

  عن القتل، فقيل: حَسَسْتُه⁣(⁣١)، أي: قتلته. قال تعالى: {إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِه}⁣[آل عمران: ١٥٢]، والحَسِيس: القتيل، ومنه: جراد مَحْسُوس: إذا طبخ⁣(⁣٢)، وقولهم: البرد محسَّة للنبت⁣(⁣٣)، وانحسّت أسنانه: انفعال منه، فأمّا حَسِسْتُ فنحو علمت وفهمت، لكن لا يقال ذلك إلا فيما كان من جهة الحاسة، فأمّا حَسَيْتُ فبقلب إحدى السينين ياء.

  وأمّا أَحْسَسْتُه فحقيقته: أدركته بحاستي، وأحست مثله، لكن حذفت إحدى السينين تخفيفا نحو: ظلت، وقوله تعالى: {فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسى مِنْهُمُ الْكُفْرَ}⁣[آل عمران: ٥٢]، فتنبيه أنه قد ظهر منهم الكفر ظهورا بان للحسّ فضلا عن الفهم، وكذا قوله تعالى: {فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنا إِذا هُمْ مِنْها يَرْكُضُونَ}⁣[الأنبياء: ١٢]، وقوله تعالى: {هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ}⁣[مريم: ٩٨]، أي: هل تجد بحاستك أحدا منهم؟ وعبّر عن الحركة بالحسيس والحسّ، قال تعالى: {لا يَسْمَعُونَ حَسِيسَها}⁣[الأنبياء: ١٠٢]، والحُسَاس: عبارة عن سوء الخلق⁣(⁣٤)، وجعل على بناء زكام وسعال.

حسب

  الحساب: استعمال العدد، يقال: حَسَبْتُ⁣(⁣٥) أَحْسُبُ حِسَاباً وحُسْبَاناً، قال تعالى: {لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ والْحِسابَ}⁣[يونس: ٥]، وقال تعالى: {وجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَناً والشَّمْسَ والْقَمَرَ حُسْباناً}⁣[الأنعام: ٩٦]، وقيل: لا يعلم حسبانه إلا اللَّه، وقال ø: {ويُرْسِلَ عَلَيْها حُسْباناً مِنَ السَّماءِ}⁣[الكهف: ٤٠]، قيل: معناه:

  نارا، وعذابا⁣(⁣٦)، وإنما هو في الحقيقة ما يحاسب عليه فيجازى بحسبه، وفي الحديث أنه قال في الريح: «اللهمّ لا تجعلها عذابا ولا حسبانا»⁣(⁣٧)، قال تعالى: {فَحاسَبْناها حِساباً شَدِيداً}⁣[الطلاق: ٨]، إشارة إلى نحو ما روي: «من نوقش الحساب عذّب»⁣(⁣٨)، وقال تعالى: {اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسابُهُمْ}⁣[الأنبياء: ١]،


(١) انظر: البصائر ٢/ ٤٥٩.

(٢) في اللسان: وجراد محسوس: إذا مسّته النار أو قتلته.

(٣) أي: يحسّه ويحرقه. انظر: اللسان (حسّ)، والمجمل ١/ ٢١٢.

(٤) انظر: المجمل ١/ ٢١٢.

(٥) في الأفعال ١/ ٣٦٤: حسب بفتح السين وكسرها وضمها.

(٦) وهذا مروي عن ابن عباس. انظر: الدر المنثور ٥/ ٣٩٤.

(٧) الحديث في النهاية من حديث يحيى بن يعمر كان إذا هبت الريح يقول: (لا تجعلها حسبانا أي: عذابا). وأخرجه الطبراني في الكبير مرفوعا: «اللهم اجعلها رحمة ولا تجعلها عذابا». انظر: نزل الأبرار ص ٢٩٨، والنهاية ١/ ٣٨٣.

(٨) الحديث صحيح، أخرجه أحمد وعبد بن حميد والبخاري ومسلم والترمذي، عن عائشة قالت: قال رسول اللَّه : «ليس أحد يحاسب يوم القيامة إلا هلك»، فقلت: يا رسول اللَّه، أليس قد قال اللَّه تعالى: {فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَه بِيَمِينِه فَسَوْفَ يُحاسَبُ حِساباً يَسِيراً}؟ فقال رسول اللَّه: «إنما ذلك العرض، وليس أحد يناقش الحساب إلا عذّب». انظر: المسند ٦/ ٩١، وفتح الباري، كتاب الرقاق ١١/ ٤٠، ومسلم برقم ٢٨٧٦.