حسب
  عن القتل، فقيل: حَسَسْتُه(١)، أي: قتلته. قال تعالى: {إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِه}[آل عمران: ١٥٢]، والحَسِيس: القتيل، ومنه: جراد مَحْسُوس: إذا طبخ(٢)، وقولهم: البرد محسَّة للنبت(٣)، وانحسّت أسنانه: انفعال منه، فأمّا حَسِسْتُ فنحو علمت وفهمت، لكن لا يقال ذلك إلا فيما كان من جهة الحاسة، فأمّا حَسَيْتُ فبقلب إحدى السينين ياء.
  وأمّا أَحْسَسْتُه فحقيقته: أدركته بحاستي، وأحست مثله، لكن حذفت إحدى السينين تخفيفا نحو: ظلت، وقوله تعالى: {فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسى مِنْهُمُ الْكُفْرَ}[آل عمران: ٥٢]، فتنبيه أنه قد ظهر منهم الكفر ظهورا بان للحسّ فضلا عن الفهم، وكذا قوله تعالى: {فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنا إِذا هُمْ مِنْها يَرْكُضُونَ}[الأنبياء: ١٢]، وقوله تعالى: {هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ}[مريم: ٩٨]، أي: هل تجد بحاستك أحدا منهم؟ وعبّر عن الحركة بالحسيس والحسّ، قال تعالى: {لا يَسْمَعُونَ حَسِيسَها}[الأنبياء: ١٠٢]، والحُسَاس: عبارة عن سوء الخلق(٤)، وجعل على بناء زكام وسعال.
حسب
  الحساب: استعمال العدد، يقال: حَسَبْتُ(٥) أَحْسُبُ حِسَاباً وحُسْبَاناً، قال تعالى: {لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ والْحِسابَ}[يونس: ٥]، وقال تعالى: {وجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَناً والشَّمْسَ والْقَمَرَ حُسْباناً}[الأنعام: ٩٦]، وقيل: لا يعلم حسبانه إلا اللَّه، وقال ø: {ويُرْسِلَ عَلَيْها حُسْباناً مِنَ السَّماءِ}[الكهف: ٤٠]، قيل: معناه:
  نارا، وعذابا(٦)، وإنما هو في الحقيقة ما يحاسب عليه فيجازى بحسبه، وفي الحديث أنه قال ﷺ في الريح: «اللهمّ لا تجعلها عذابا ولا حسبانا»(٧)، قال تعالى: {فَحاسَبْناها حِساباً شَدِيداً}[الطلاق: ٨]، إشارة إلى نحو ما روي: «من نوقش الحساب عذّب»(٨)، وقال تعالى: {اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسابُهُمْ}[الأنبياء: ١]،
(١) انظر: البصائر ٢/ ٤٥٩.
(٢) في اللسان: وجراد محسوس: إذا مسّته النار أو قتلته.
(٣) أي: يحسّه ويحرقه. انظر: اللسان (حسّ)، والمجمل ١/ ٢١٢.
(٤) انظر: المجمل ١/ ٢١٢.
(٥) في الأفعال ١/ ٣٦٤: حسب بفتح السين وكسرها وضمها.
(٦) وهذا مروي عن ابن عباس. انظر: الدر المنثور ٥/ ٣٩٤.
(٧) الحديث في النهاية من حديث يحيى بن يعمر كان إذا هبت الريح يقول: (لا تجعلها حسبانا أي: عذابا). وأخرجه الطبراني في الكبير مرفوعا: «اللهم اجعلها رحمة ولا تجعلها عذابا». انظر: نزل الأبرار ص ٢٩٨، والنهاية ١/ ٣٨٣.
(٨) الحديث صحيح، أخرجه أحمد وعبد بن حميد والبخاري ومسلم والترمذي، عن عائشة قالت: قال رسول اللَّه ﷺ: «ليس أحد يحاسب يوم القيامة إلا هلك»، فقلت: يا رسول اللَّه، أليس قد قال اللَّه تعالى: {فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَه بِيَمِينِه فَسَوْفَ يُحاسَبُ حِساباً يَسِيراً}؟ فقال رسول اللَّه: «إنما ذلك العرض، وليس أحد يناقش الحساب إلا عذّب». انظر: المسند ٦/ ٩١، وفتح الباري، كتاب الرقاق ١١/ ٤٠، ومسلم برقم ٢٨٧٦.