مفردات ألفاظ القرآن،

الراغب الأصفهاني (المتوفى: 502 هـ)

غل

صفحة 610 - الجزء 1

  التّجارب، وإغْفَالُ الكتاب: تركه غير معجم، وقوله: {مَنْ أَغْفَلْنا قَلْبَه عَنْ ذِكْرِنا}⁣[الكهف: ٢٨]، أي: تركناه غير مكتوب فيه الإيمان، كما قال: {أُولئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الإِيمانَ}⁣[المجادلة: ٢٢]، وقيل: معناه من جعلناه غَافِلًا عن الحقائق.

غل

  الغَلَلُ أصله: تدرّع الشيء وتوسّطه، ومنه:

  الغَلَلُ للماء الجاري بين الشّجر، وقد يقال له:

  الغيل، وانْغَلَّ فيما بين الشّجر: دخل فيه، فَالْغُلُّ مختصّ بما يقيّد به فيجعل الأعضاء وسطه، وجمعه أَغْلَالٌ، وغُلَّ فلان: قيّد به. قال تعالى: {خُذُوه فَغُلُّوه}⁣[الحاقة: ٣٠]، وقال: {إِذِ الأَغْلالُ فِي أَعْناقِهِمْ}⁣[غافر: ٧١]. وقيل للبخيل: هو مَغْلُولُ اليد. قال: {ويَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ والأَغْلالَ الَّتِي كانَتْ عَلَيْهِمْ}⁣[الأعراف: ١٥٧]، {ولا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ}⁣[الإسراء: ٢٩]، {وقالَتِ الْيَهُودُ يَدُ الله مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ}⁣[المائدة: ٦٤]، أي:

  ذمّوه بالبخل. وقيل: إنّهم لمّا سمعوا أنّ اللَّه قد قضى كلّ شيء قالوا: إذا يد اللَّه مَغْلُولَةٌ⁣(⁣١)، أي:

  في حكم المقيّد لكونها فارغة، فقال اللَّه تعالى ذلك. وقوله: {إِنَّا جَعَلْنا فِي أَعْناقِهِمْ أَغْلالًا}⁣[يس: ٨]، أي: منعهم فعل الخير، وذلك نحو وصفهم بالطَّبع والختم على قلوبهم، وعلى سمعهم وأبصارهم، وقيل: بل ذلك - وإن كان لفظه ماضيا - فهو إشارة إلى ما يفعل بهم في الآخرة كقوله: {وجَعَلْنَا الأَغْلالَ فِي أَعْناقِ الَّذِينَ كَفَرُوا}⁣[سبأ: ٣٣]. والْغُلَالَةُ: ما يلبس بين الثّوبين، فالشّعار: لما يلبس تحت الثّوب، والدّثار: لما يلبس فوقه، والْغُلَالَةُ: لما يلبس بينهما. وقد تستعار الْغُلَالَةُ للدّرع كما يستعار الدّرع لها، والْغُلُولُ: تدرّع الخيانة، والغِلُّ:

  العداوة. قال تعالى: {ونَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ}⁣[الأعراف: ٤٣]، {ولا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنا غِلاًّ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنا إِنَّكَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ}⁣[الحشر: ١٠]. وغَلَّ يَغِلُّ: إذا صار ذا غِلٍّ⁣(⁣٢)، أي: ضغن، وأَغَلَّ، أي: صار ذا إِغْلَالٍ. أي:

  خيانة، وغَلَّ يَغُلُّ: إذا خان، وأَغْلَلْتُ فلانا: نسبته إلى الغُلُولِ. قال: {وما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ}⁣[آل عمران: ١٦١]، وقرئ: {أَنْ يَغُلَّ}⁣(⁣٣) أي: ينسب إلى الخيانة، من أَغْلَلْتُه. قال:


(١) انظر: البصائر ٤/ ١٤٤.

(٢) انظر: الأفعال ٢/ ١ و ٧.

(٣) وهي قراءة نافع وابن عامر وحمزة والكسائي وخلف ويعقوب وأبي جعفر. انظر: الإتحاف ص ١٨١، وإرشاد المبتدي ص ٢٧١.