عذب
  ٣١٢ - فَعَادَى عِدَاءً بين ثور ونعجة(١)
  أي: أَعْدَى أحدهما إثر الآخر، وتَعَادَتِ المواشي بعضها في إثر بعض، ورأيت عِدَاءَ القوم الَّذين يَعْدُونَ من الرَّجَّالَةِ. والاعْتِدَاءُ:
  مجاوزة الحقّ. قال تعالى: {ولا تُمْسِكُوهُنَّ ضِراراً لِتَعْتَدُوا}[البقرة: ٢٣١]، وقال: {ومَنْ يَعْصِ الله ورَسُولَه ويَتَعَدَّ حُدُودَه}[النساء: ١٤]، {اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ}[البقرة: ٦٥]، فذلك بأخذهم الحيتان على جهة الاستحلال، قال: {تِلْكَ حُدُودُ الله فَلا تَعْتَدُوها}[البقرة: ٢٢٩]، وقال: {فَأُولئِكَ هُمُ العادُونَ}[المؤمنون: ٧]، {فَمَنِ اعْتَدى بَعْدَ ذلِكَ}[البقرة: ١٧٨]، {بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عادُونَ}[الشعراء: ١٦٦]، أي: مُعْتَدُونَ، أو مُعَادُونَ، أو متجاوزون الطَّور، من قولهم: عَدَا طوره، {ولا تَعْتَدُوا إِنَّ الله لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ}[البقرة: ١٩٠]. فهذا هو الاعْتِدَاءُ على سبيل الابتداء لا على سبيل المجازاة، لأنه قال: {فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْه بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ}[البقرة: ١٩٤]، أي: قابلوه بحسب اعْتِدَائِه وتجاوزوا إليه بحسب تجاوزه.
  ومن العُدْوَانِ المحظور ابتداء قوله: {وتَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ والتَّقْوى ولا تَعاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ والْعُدْوانِ}[المائدة: ٢]، ومن العُدْوَانِ الذي هو على سبيل المجازاة، ويصحّ أن يتعاطى مع من ابتدأ قوله: {فَلا عُدْوانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ}[البقرة: ١٩٣]، {ومَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ عُدْواناً وظُلْماً فَسَوْفَ نُصْلِيه ناراً}[النساء: ٣٠]، وقوله تعالى: {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ ولا عادٍ}[البقرة: ١٧٣]، أي: غير باغ لتناول لذّة، {ولا عادٍ} أي متجاوز سدّ الجوعة. وقيل: غير باغ على الإمام ولا عَادٍ في المعصية طريق المخبتين(٢). وقد عَدَا طورَه: تجاوزه، وتَعَدَّى إلى غيره، ومنه: التَّعَدِّي في الفعل. وتَعْدِيَةُ الفعلِ في النّحو هو تجاوز معنى الفعل من الفاعل إلى المفعول. وما عَدَا كذا يستعمل في الاستثناء، وقوله: {إِذْ أَنْتُمْ بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيا وهُمْ بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوى}[الأنفال: ٤٢]، أي: الجانب المتجاوز للقرب.
عذب
  ماءٌ عَذْبٌ طيّب بارد. قال تعالى: {هذا عَذْبٌ فُراتٌ}[الفرقان: ٥٣]، وأَعْذَبَ القومُ:
  صار لهم ماءٌ عَذْبٌ، والعَذَابُ: هو الإيجاع الشّديد، وقد عَذَّبَه تَعْذِيباً: أكثر حبسه في
(١) شطر بيت، وعجزه:
دراكا ولم ينضح بماء فيغسل
وهو لامرئ القيس في ديوانه ص ١٢٠.
(٢) وهذا قول مجاهد. وانظر: الدر المنثور ١/ ٤٠٨.