مفردات ألفاظ القرآن،

الراغب الأصفهاني (المتوفى: 502 هـ)

دهن

صفحة 320 - الجزء 1

  الثاني في الخبر غير الدّهر الأوّل، وإنما هو مصدر بمعنى الفاعل، ومعناه: أنّ اللَّه هو الدّاهر، أي: المصرّف المدبّر المفيض لما يحدث، والأول أظهر⁣(⁣١). وقوله تعالى إخبارا عن مشركي العرب: {ما هِيَ إِلَّا حَياتُنَا الدُّنْيا نَمُوتُ ونَحْيا وما يُهْلِكُنا إِلَّا الدَّهْرُ}⁣[الجاثية: ٢٤]، قيل: عني به الزمان.

دهق

  قال تعالى: {وكَأْساً دِهاقاً}⁣[النبأ: ٣٤]، أي: مفعمة، ويقال: أَدْهَقْتُ الكأسَ فَدَهَقَ، ودَهَقَ لي من المال دَهْقَةً، كقولك: قبض قبضة.

دهم

  الدُّهْمَة: سواد الليل، ويعبّر بها عن سواد الفرس، وقد يعبّر بها عن الخضرة الكاملة اللَّون، كما يعبّر عن الدُّهْمَة بالخضرة إذا لم تكن كاملة اللَّون، وذلك لتقاربهما باللون. قال اللَّه تعالى: {مُدْهامَّتانِ}⁣[الرحمن: ٦٤]، وبناؤهما من الفعل مفعالّ، يقال: ادهامّ ادهيماما، قال الشاعر في وصف الليل:

  ١٦١ - في ظلّ أخضر يدعو هامه البوم⁣(⁣٢)

دهن

  قال تعالى: {تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ}⁣[المؤمنون: ٢٠]، وجمع الدّهن أدهان. وقوله تعالى: {فَكانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهانِ}⁣[الرحمن: ٣٧]، قيل: هو درديّ الزّيت، والمُدْهُن: ما يجعل فيه الدّهن، وهو أحد ما جاء على مفعل من الآلة⁣(⁣٣)، وقيل للمكان الذي يستقرّ فيه ماء قليل:

  مُدْهُن، تشبيها بذلك، ومن لفظ الدّهن استعير الدَّهِين للناقة القليلة اللَّبن، وهي فعيل في معنى فاعل، أي: تعطي بقدر ما تدهن به. وقيل:

  بمعنى مفعول، كأنه مَدْهُون باللبن. أي: كأنها دُهِنَتْ باللبن لقلَّته، والثاني أقرب من حيث لم يدخل فيه الهاء، ودَهَنَ المطر الأرض: بلَّها بللا يسيرا، كالدّهن الذي يدهن به الرّأس، ودَهَنَه بالعصا: كناية عن الضّرب على سبيل التّهكَّم، كقولهم: مسحته بالسّيف، وحيّيته بالرّمح.

  والإِدْهَانُ في الأصل مثل التّدهين، لكن جعل عبارة عن المداراة والملاينة، وترك الجدّ، كما جعل التّقريد وهو نزع القراد عن البعير عبارة عن ذلك، قال: {أَفَبِهذَا الْحَدِيثِ أَنْتُمْ مُدْهِنُونَ}⁣[الواقعة: ٨١]، قال الشاعر:


(١) نقله ابن حجر عنه في الفتح ٨/ ٥٧٥.

(٢) الشطر تقدّم في باب (خضر).

(٣) وقد جمع ابن مالك ما شذّ من اسم الآلة في لاميته فقال:

شذّ المدقّ ومسعط ومكحلة ... ومدهن منصل والآتي من نخلا

أي: المنخل.