مفردات ألفاظ القرآن،

الراغب الأصفهاني (المتوفى: 502 هـ)

بلس

صفحة 143 - الجزء 1

  وسميت المفازة بلدا لكونها موطن الوحشيات، والمقبرة بلدا لكونها موطنا للأموات، والبَلْدَة منزل من منازل القمر، والبُلْدَة: البلجة ما بين الحاجبين تشبيها بالبلد لتمدّدها، وسميت الكركرة بلدة لذلك، وربما استعير ذلك لصدر الإنسان⁣(⁣١)، ولاعتبار الأثر قيل: بجلده بَلَدٌ، أي: أثر، وجمعه: أَبْلَاد، قال الشاعر:

  ٦٦ - وفي النّحور كلوم ذات أبلاد⁣(⁣٢)

  وأَبْلَدَ الرجل: صار ذا بلد، نحو: أنجد وأتهم⁣(⁣٣). وبَلِدَ: لزم البلد.

  ولمّا كان اللازم لموطنه كثيرا ما يتحيّر إذا حصل في غير موطنه قيل للمتحيّر: بَلُدَ في أمره وأَبْلَدَ وتَبَلَّدَ، قال الشاعر:

  ٦٧ - لا بدّ للمحزون أن يتبلَّدا⁣(⁣٤)

  ولكثرة وجود البلادة فيمن كان جلف البدن قيل: رجل أبلد، عبارة عن عظيم الخلق، وقوله تعالى: {والْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَباتُه بِإِذْنِ رَبِّه والَّذِي خَبُثَ لا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِداً}⁣[الأعراف: ٥٨]، كنايتان عن النفوس الطاهرة والنجسة فيما قيل⁣(⁣٥).

بلس

  الإِبْلَاس: الحزن المعترض من شدة البأس، يقال: أَبْلَسَ، ومنه اشتق إبليس فيما قيل. قال ø: {ويَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُبْلِسُ الْمُجْرِمُونَ}⁣[الروم: ١٢]، وقال تعالى: {أَخَذْناهُمْ بَغْتَةً فَإِذا هُمْ مُبْلِسُونَ}⁣[الأنعام: ٤٤]، وقال تعالى: {وإِنْ كانُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ مِنْ قَبْلِه لَمُبْلِسِينَ}⁣[الروم: ٤٩].

  ولمّا كان المبلس كثيرا ما يلزم السكوت وينسى ما يعنيه قيل: أَبْلَسَ فلان: إذا سكت وإذا انقطعت حجّته، وأَبْلَسَتِ الناقة فهي مِبْلَاس: إذا


(١) يقال: فلان واسع البلدة، أي: واسع الصدر.

(٢) هذا عجز بيت للقطامي، وصدره:

ليست تجرّح فرّارا ظهورهم

وهو في اللسان (بلد)، وديوانه ص ١٢، والمشوف المعلم ١/ ١١٧، والبصائر ٢/ ٢٧٣، وإصلاح المنطق ص ٤١٠.

(٣) راجع: مادة (ألف).

(٤) البيت يروى:

ألا لا تلمه اليوم أن يتبلَّدا ... فقد غلب المحزون أن يتجلَّدا

وهي في اللسان: (بلد)، ويروى: ... لا بدّ للمصدور من أن يسعلا

وهو في اللسان: (صدر) ٤/ ٤٥ والبيت للأحوص، وهو في الأغاني ١٣/ ١٥٣، وديوانه ص ٩٨.

(٥) وهذا مروي عن ابن عباس وقتادة. راجع الدر المنثور ٣/ ٤٧٨.