مفردات ألفاظ القرآن،

الراغب الأصفهاني (المتوفى: 502 هـ)

جند

صفحة 207 - الجزء 1

  أي: جانبك {واضْمُمْ إِلَيْكَ جَناحَكَ}⁣[القصص: ٣٢]، عبارة عن اليد، لكون الجناح كاليد، ولذلك قيل لجناحي الطائر يداه، وقوله ø: {واخْفِضْ لَهُما جَناحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ}⁣[الإسراء: ٢٤]، فاستعارة، وذلك أنه لما كان الذلّ ضربين:

  ضرب يضع الإنسان، وضرب يرفعه - وقصد في هذا المكان إلى ما يرفعه لا إلى ما يضعه - فاستعار لفظ الجناح له، فكأنه قيل: استعمل الذل الذي يرفعك عند اللَّه من أجل اكتسابك الرحمة، أو من أجل رحمتك لهما، {واضْمُمْ إِلَيْكَ جَناحَكَ مِنَ الرَّهْبِ}⁣[القصص: ٣٢]، وجَنَحَتِ العير في سيرها: أسرعت، كأنها استعانت بجناح، وجَنَحَ الليل: أظلّ بظلامه، والجِنْحُ: قطعة من الليل مظلمة. قال تعالى: {وإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَها}⁣[الأنفال: ٦١]، أي: مالوا، من قولهم: جنحت السفينة، أي: مالت إلى أحد جانبيها، وسمي الإثم المائل بالإنسان عن الحق جناحا ثم سمّي كلّ إثم جُنَاحاً، نحو قوله تعالى: {لا جُناحَ عَلَيْكُمْ}⁣(⁣١) في غير موضع، وجوانح الصدر:

  الأضلاع المتصلة رؤوسها في وسط الزور، الواحدة: جَانِحَة، وذلك لما فيها من الميل.

جند

  يقال للعسكر الجُنْد اعتبارا بالغلظة، من الجند، أي: الأرض الغليظة التي فيها حجارة ثم يقال لكلّ مجتمع جند، نحو: «الأرواح جُنُودٌ مُجَنَّدَة»⁣(⁣٢). قال تعالى: {وإِنَّ جُنْدَنا لَهُمُ الْغالِبُونَ}⁣[الصافات: ١٧٣]، {إِنَّهُمْ جُنْدٌ مُغْرَقُونَ}⁣[الدخان: ٢٤]، وجمع الجند: أَجْنَاد وجُنُود، قال تعالى: {وجُنُودُ إِبْلِيسَ أَجْمَعُونَ}⁣[الشعراء: ٩٥]، {وما يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ}⁣[المدثر: ٣١]، {اذْكُرُوا نِعْمَةَ الله عَلَيْكُمْ إِذْ جاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً وجُنُوداً لَمْ تَرَوْها}⁣[الأحزاب: ٩]، فالجنود الأولى من الكفار، والجنود الثانية التي لم تروها الملائكة.

جنف

  أصل الجَنَف ميل في الحكم، فقوله تعالى: {فَمَنْ خافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفاً}⁣[البقرة: ١٨٢]، أي: ميلا ظاهرا، وعلى هذا: {غَيْرَ مُتَجانِفٍ لإِثْمٍ}⁣[المائدة: ٣]، أي: مائل إليه.

جنى

  جَنَيْتُ الثمرة واجْتَنَيْتُهَا، والجَنْيُ: المجتنى من الثمر والعسل، وأكثر ما يستعمل الجني فيما


(١) سورة البقرة: آية ٢٣٦، وهو في سورة البقرة متعدّد المواضع.

(٢) الحديث صحيح، أخرجه البخاري في الأنبياء: باب الأرواح جنود مجندة تعليقا، ومسلم في البر والصلة برقم (٢٦٣٨). وانظر: فتح الباري ٦/ ٢٦٣، وشرح السنة ١٣/ ٥٧.