مفردات ألفاظ القرآن،

الراغب الأصفهاني (المتوفى: 502 هـ)

لبن

صفحة 735 - الجزء 1

  يمنعها ويصدّها عن تعاطي قبيح. قال تعالى: {هُنَّ لِباسٌ لَكُمْ وأَنْتُمْ لِباسٌ لَهُنَّ}⁣[البقرة: ١٨٧] فسمّاهنّ لباسا كما سمّاها الشاعر إزارا في قوله:

  ٤٠٢ - فدى لك من أخي ثقة إزاري⁣(⁣١)

  وجعل التّقوى لِبَاساً على طريق التّمثيل والتّشبيه، قال تعالى: {ولِباسُ التَّقْوى ذلِكَ خَيْرٌ}⁣[الأعراف: ٢٦] وقوله: {صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ}⁣[الأنبياء: ٨٠] يعني به: الدِّرْعَ، وقوله: {فَأَذاقَهَا الله لِباسَ الْجُوعِ والْخَوْفِ}⁣[النحل: ١١٢]، وجعل الجوع والخوف لباسا على التّجسيم والتشبيه تصويرا له، وذلك بحسب ما يقولون: تدرّع فلان الفقر، ولَبِسَ الجوعَ، ونحو ذلك. قال الشاعر:

  ٤٠٣ - كسوتهم من حبر بزّ متحّم⁣(⁣٢)

  نوع من برود اليمن يعني به شعرا. وقرأ بعضهم⁣(⁣٣): {ولِباسُ} التَّقْوى من اللَّبس. أي: السّتر. وأصل اللَّبْسِ: ستر الشيء، ويقال ذلك في المعاني، يقال: لَبَسْتُ عليه أمره. قال: {ولَلَبَسْنا عَلَيْهِمْ ما يَلْبِسُونَ}⁣[الأنعام: ٩] وقال: {ولا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْباطِلِ}⁣[البقرة: ٤٢]، {لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْباطِلِ}⁣[آل عمران: ٧١]، {الَّذِينَ آمَنُوا ولَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ}⁣[الأنعام: ٨٢] ويقال: في الأمر لُبْسَةٌ أي: الْتِبَاسٌ، ولَابَسْتُ الأمر: إذا زاولته، ولَابَسْتُ فلانا: خالطته، وفي فلان مَلْبَسٌ. أي:

  مستمتع، قال الشاعر:

  ٤٠٤ - وبعد المشيب طول عمر وملبسا⁣(⁣٤)

لبن

  اللَّبَنُ جمعه: أَلْبَانٌ. قال تعالى: {وأَنْهارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُه}⁣[محمد: ١٥]، وقال: {مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ ودَمٍ لَبَناً خالِصاً}⁣[النحل: ٦٦]، ولَابِنٌ: كثر عنده لبن، ولَبَنْتُه: سقيته إياه، وفرس مَلْبُونٌ، وأَلْبَنَ فلان: كثر لبنه، فهو مُلْبِنٌ.


(١) الشطر تقدّم في مادة (أزر).

(٢) هذا عجز بيت لأوس بن حجر، وصدره:

وإن هزّ أقوام إليّ وحدّدوا

وهو في قصيدة مطلعها:

تنكّرت منا بعد معرفة لمي ... وبعد التصابي والشباب المكرّم

والبيت في ديوانه ص ١٢٣، والمعاني الكبير ١/ ٤٨٤، والشعر والشعراء ص ١١٤.

(٣) قرأ: لباس بالنصب نافع وابن عامر والكسائي وأبو جعفر. الإتحاف ص ٢٢٣.

(٤) هذا عجز بيت لامرئ القيس، وشطره:

ألا إنّ بعد العدم للمرء قنوة

وهو في ديوانه ص ٨٧، والمجمل ٣/ ٨٠١.